للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال عمرو بن عاصم في حديثه بهذا الإسناد قال: فلمّا استُخلف الوليد بن عبد الملك قدم المدينة فدخل المسجد فرأى شيخًا قد اجتمع النَّاس عليه فقال: من هذا؟ فقالوا: سعيد بن المسيّب. فلمّا جلس أرسل إليه فأتاه الرسول فقال: أجِبْ أمير المؤمنين. فقال: لعلّك أخطأت باسمى أو لعلّه أرسلك إلى غيرى. قال: فأتاه الرسول فأخبره فغضب وهمّ به. قال: وفى النَّاس يومئذٍ بقيّة فأقبل عليه جلساؤه فقالوا: يا أمير المؤمنين، فقيه أهل المدينة وشيخ قريش وصديق أبيك لم يطمع ملك قبلك أن يأتيه. قال فما زالوا به حتّى أضرب عنه (١).

قال: أخبرنا كثير بن هشام قال: أخبرنا جعفر بن بُرْقان قال: أخبرنا ميمون بن مِهْران قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الرّقّى قال: أخبرنا أبو المليح عن ميمون بن مهران قال: قدم عبد الملك بن مروان المدينة فامتنعت منه القائلة واستيقظ، فقال لحاجبه: انْظر هل في المسجد أحد من حُدّاثنا من أهل المدينة؟ قال: فخرج فإذا سعيد بن المُسَيَّب في حلقة له، فقام حيث ينظر إليه ثمَّ غمزه وأشار إليه بإصبعه، ثمّ ولّى، فلم يتحرّك سعيد ولم يتبعه فقال: أراه فطن. فجاء فدنا منه ثمّ غمزه وأشار إليه وقال: ألم ترنى أشير إليك؟ قال: وما حاجتك؟ قال: استيقظ أمير المؤمنين فقال انْظر في المسجد أحد من حُدّاثى، فأجبْ أمير المؤمنين، فقال: أرسلك إليّ؟ قال: لا ولكن قال اذْهب فانْظر بعض حدّاثنا من أهل المدينة، فلم أرَ أحدًا أهْيَأ منك. فقال سعيد: اذهب فأعْلِمْه أنى لستُ من حدّاثه. فخرج الحاجب وهو يقول: ما أرى هذا الشيخ إِلَّا مجنونًا. فأتَى عبد الملك فقال له: ما وجدتُ في المسجد إِلَّا شيخًا أشرتُ إليه فلم يقم فقلتُ له إنّ أمير المؤمنين قال انظر هل ترى في المسجد أحدًا من حدّاثى، فقال إنى لستُ من حدّاث أمير المؤمنين، وقال لى أعْلِمْه، فقال عبد الملك: ذاك سعيد بن المُسَيَّب فدَعْه (٢).

قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: أخبرنا داود بن عبد الرحمن عن أبى بكر بن عبد الله قال: كان سعيد بن المسيّب إذا سُئل عن هؤلاء القوم قال: أقول فيهم ما قوّلنى ربى: {رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا} [سورة الحشر: ١٠]، حتّى يُتِمّ الآية.


(١) سير أعلام النبلاء ج ٤ ص ٢٢٧ نقلًا عن ابن سعد.
(٢) سير أعلام النبلاء ج ٤ ص ٢٢٦ نقلًا عن ابن سعد.