للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أبي فُديك المدنى قال: سمعتُ شيخًا يحدّث عند دار كثير بن الصلت أنّ معاوية بن أبي سفيان جلس ذات يوم ومعه عمرو بن العاص فمرّ بهما عبد الملك بن مروان فقال معاوية: ما آدب هذا الفتى وأحسن مُرُوّته، فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين إنّ هذا الفتى أخذ بخصال أربع، وترك خصالًا ثلاثًا، أخذ بحسن الحديث إذا حَدّث، وحسن الاستماع إذا حُدّث، وحسن البِشْر إذا لقى، وخِفّة المئونة إذا خولِف. وترك من القول ما يُعْتَذَر منه، وترك مخالطة اللئام من الناس، وترك ممازحة من لا يوثَق بعقله ولا مروّته (١).

أخبرنا محمد بن عمر قال: حدّثنى عبد الرحمن بن عبد العزيز، عن عبد العزيز عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حَزْم قال: وحدّثنى إبراهيم بن الفضل، عن المقبُرى، أنّ عبد الملك بن مروان لم يزل بالمدينة في حياة أبيه وولايته حتى كان أيّام الحَرّة، فلمّا وثب أهل المدينة، فأخرجوا عامل يزيد بن معاوية وهو عثمان بن محمد بن أبي سفيان عن المدينة، وأخرجوا بنى أميّة خرج عبد الملك مع أبيه، فلقيهم مسْلم بن عُقْبة بالطريق قد بعثه يزيد بن معاوية في جيش إلى أهل المدينة، فرجع معه مروان، وعبد الملك بن مروان، وكان مجدورًا، فتخلّف عبد الملك بذى خُشُب، وأمر رسولًا أن ينزل مَخيضَ -وهى فيما بين المدينة وذى خُشُب- على اثنى عشر ميلًا من المدينة، وآخرَ يحضر الوقعة يأتيه بالخبر، وهو يخاف أن تكون الدولة لأهل المدينة. فبينا عبد الملك جالس في قصر مروان بذى خُشُب يترقّب إذا رسوله قد جاء يلوّح بثوبه، فقال عبد الملك: إنّ هذا لبشير. فأتاه رسوله الذى كان بمخيض يخبره أنّ أهل المدينة قد قُتلوا ودخلها أهل الشأم، فسجد عبد الملك ودخل المدينة بعد أن برأ (٢).

وقال غير محمد بن عمر: كان أهل المدينة قد أخذوا على بنى أميّة حين أخرجوهم العهود والمواثيقَ أن لا يدلّوا على عورة لهم ولا يظاهروا عليهم عدوًّا،


(١) المزى ج ١٨ ص ٤١١.
(٢) أورده ابن عساكر في تاريخه ج ٤٣ ص ٢٥٣ نقلا عن ابن سعد.