للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فانصرف هشام وهو مُؤْيَسٌ (١) وهو يضرب بإحدى يديه على الأخرى وهو يقول: فإلى من إذًا نُحّيَتْ عنى؟ أتخرج من بنى عبد الملك؟ فوالله إنى لعَين بنى عبد الملك.

قال رجاء: ودخلتُ على سليمان بن عبد الملك فإذا هو يموت. قال فجعلتُ إذا أخذتْه سكرة من سكرات الموت حَرَفْتُه إلى القبلة فجعل يقول وهو يفأق: لم يَأْنِ لذلك بعدُ، يا رجاء. حتى فعلتُ ذلك مرّتين. فلمّا كانت الثالثة قال: من الآن يا رجاء إن كنت تريد شيئًا، أشهدُ أن لا إله إلّا الله، وأشهد أنّ محمدًا عبده ورسوله. قال فحرفتُه ومات. فلمّا أغمضتُه سجّيتُه بقَطيفة خضراء، وأغلقتُ الباب وأرسلتْ إلىّ زوجته تنظر إليه كيف أصبح؟ فقلت: نام وقد تغطّى. فنظر الرسول إليه مغطّى بالقطيفة فرجع فأخبرها فقبلتْ ذلك وظنّت أنّه نائم.

قال رجاء: وأَجْلَسْتُ على الباب من أثق به وأوصيته أن لا يريم حتى آتيه. ولا يُدْخِل على الخليفة أحدًا. قال: فخرجتُ فأرسلت إلى كعب بن حامز العَنْسى، فجمع أهل بيت أمير المؤمنين، فاجتمعوا فى مسجد دابِق، فقلت: بايِعوا، قالوا: قد بايعنا مرّة ونبايع أخرى! قلت: هذا أمر أمير المؤمنين، بايعوا على ما أمر به ومن سُمّى فى هذا الكتاب المختوم. فبايعوا الثانية رجلًا رجلًا.

قال رجاء: فلمّا بايعوا بعد موت سليمان رأيتُ أنى قد أحكمتُ الأمر، قلت قوموا إلى صاحبكم فقد مات. قالو {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [سورة البقرة: ١٥٦] وقرأتُ عليهم الكتابَ، فلمّا انتهيتُ إلى ذكر عمر بن عبد العزيز نادى هشام: لا نبايعه أبدًا. قال: قلت: أضربُ والله عنقك، قم فبايعْ. فقام يجرّ رجليه.

قال رجاء: وأخذتُ بِضَبْعَىْ عمر فأجلستُه على المنبر وهو يسترجع لما وقع فيه، وهشام يسترجع لما أَخطأه. فلمّا انتهَى هشام إلى عمر قال: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} أىّ حين صار هذا الأمر إليك على ولد عبد الملك. قال: فقال


(١) ث "مُوئِس" وفى طبعة ليدن "موءس" والمثبت لدى ابن عساكر وهو ينقل عن ابن سعد.