للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بعده -ويزيد بن عبد الملك يومئذٍ غائب على الموسم- قال: فيزيد بن عبد الملك أجعله بعده، فإنّ ذلك ممّا يسكّنهم ويرضون به. قلت: رأيك.

قال فكتب بيده: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هذا كتاب من عبد الله سليمان أمير المؤمنين لعمر بن عبد العزيز، إنى ولّيته الخلافة من بعدى ومن بعده يزيد بن عبد الملك، فاسمعوا له وأطيعوا واتّقوا الله ولا تختلفوا فَيُطْمَعَ فيكم. وختم الكتاب، وأرسل (١) إلى كعب بن حَامِز (٢) صاحب شُرَطه أنْ مُرْ أهل بيتى فليجتمعوا. فأرسل إليهم كعب فجمعهم ثمّ قال سليمان لرجاء بعد اجتماعهم: اذْهب بكتابى هذا إليهم فأخبرْهم أنّه كتابى، ومُرْهم فليبايعوا من ولّيتُ. قال ففعل رجاء، فلمّا قال لهم ذلك رجاء قالوا: سمعنا وأطعنا لمن فيه، وقالوا: ندخل فنسلم على أمير المؤمنين، قال: نعم. فدخلوا فقال لهم سليمان: هذا الكتاب، وهو يشير لهم وهم ينظرون إليه فى يد رجاء بن حيوة، هذا عَهْدى، فاسْمعوا، وأطيعوا، وبايعوا لمن سمّيتُ فى هذا الكتاب. قال فبايعوه رجلًا رجلًا. قال ثمّ خرج بالكتاب مختومًا فى يد رجاء.

قال رجاء: فلمّا تفرّقوا جاءنى عمر بن عبد العزيز فقال: يا أبا المِقْدام إنّ سليمان كانت لى به حُرْمة ومودّة، وكان بى بَرًّا مُلْطِفًا فأنا أخشى أن يكون قد أسند إلىّ من هذا الأمر شيئًا فأنْشدك الله وحُرْمتى ومودّتى إلّا أعلمتنى إن كان ذلك حتى أستعفيه الآن قبل أن يأتى حال لا أقدر فيها على ما أقدر الساعةَ. فقال رجاء: لا والله ما أنا بمخبرك حرفًا واحدًا! قال: فذهب عمر غَضْبَان.

قال رجاء: ولقينى هشام بن عبد الملك، فقال: يا رجاء إنّ لى بك حرمة ومودّة قديمة وعندى شكر، فأعلمْنى أهذا الأمر إلىّ؟ فإن كان إلىّ علمتُ وإن كان إلى غيرى تكلّمتُ، فليس مثلى قُصّر به، ولا نُحِّىَ عنه هذا الأمر، فَأَعْلِمْنى، فلك الله أَلَّا أذكرَ اسمَك أبدًا.

قال رجاء: فأبيتُ وقلتُ: لا والله لا أخبرك حرفًا واحدًا ممّا أَسَرَّ إلىّ.


(١) كذا فى ث ومثله لدى ابن عساكر وهو ينقل عن ابن سعد. وفى طبعة ليدن "فأرسل".
(٢) ويقال كعب بن حامد. انظر مختصر ابن منظور ج ٢١ ص ١٧٢.