تذكرنى لأمير المؤمنين، أو تشير بى عليه إن استشارك، فوالله ما أقوى على هذا الأمر، فأنْشدك اللهَ إلّا صرفتَ أمير المؤمنين عنى. فانتهرتُه وقلتُ: إنّك لحريص على الخلافة أتطمع (١) أن أشير عليه بك؟ فاستحيا. ودخلتُ، فقال لى سليمان: يا رجاء من ترى لهذا الأمر؟ وإلى من ترى أن أعهد؟ قلت: يا أمير المؤمنين، اتّقِ الله فإنّك قادم على الله وسائلك عن هذا الأمر، وما صنعتَ فيه. قال: فمن ترى؟ فقلت: عمر بن عبد العزيز.
قال: كيف أصنعُ بعهد أمير المؤمنين عبد الملك إلى الوليد وإلىّ فى ابنىْ عاتكة أيّهما بقى؟ قلت: تجعلهما من بعده. قال: أصبتَ ووُفّقتَ، جِئْنى بصحيفة. فأتيتُه بصحيفة فكتب عهد عمر ويزيد من بعده وختمها، ثمَ دعوتُ رجالًا فدخلوا عليه فقال لهم: إنى قد عهدتُ عهدى فى هذه الصحيفة ودفعتُها إلى رجاء وأمرتُه أمرى وهو فى الصحيفة، اشْهدوا واخْتموا الصحيفة. فختموا عليها وخرجوا، فلم يلبث سليمان أن مات فكففتُ النساء عن الصياح، وخرجتُ إلى الناس، فقالوا: يا رجاء، كيف أمير المؤمنين؟ قلت: لم يكن منذ اشتكى أسكنَ منه الساعةَ. قالوا: لله الحمد!
فقلت: ألستم تعلمون أنّ هذا عهد أمير المؤمنين وتشهدون عليه؟ قالوا: بلى، قلت: افَترْضون به؟ قال هشام: إن كان فيه رجل من ولد عبد الملك وإلّا فلا. قلت: فإنْ فيه رجل من ولد عبد الملك؟ قال: فنعم إذًا. قال فَدَخَلْتُ فمكثتُ ساعةً ثمّ قلتُ للنساء اصْرخن، وخرجتُ فقرأتُ الكتاب والناس مجتمعون وعمر فى ناحية الرواق (*).
قال: أخبرنا علىّ بن محمد عن يعقوب بن داود الثقفى، عن أشياخ من ثقيف قال: قُرئ عهد عمر بعد وفاة سليمان بالخلافة وعمر ناحيةً وهو بدابق. فقام رجل من ثقيف يقال له سالم من أخوال عمر. فأخذ بضبعه فأقامه فقال عمر: أما واللهِ ما الله أردتَ بهذا ولن تصيب بها منى دنيا.
قال: أخبرنا علىّ بن محمد عن خالد بن بِشْر عن أبيه قال: لما ولى عمر بن
(١) كذا فى ث، ومثله لدى ابن عساكر ج ٥٤ ص ١٢٥ وهو ينقل عن ابن سعد. وفى طبعة ليدن والطبعات اللاحقة "لتطمع".