للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال عبد الرحمن بن أبي الموالى: وأخذ معهم نحو من أربعمائة من جُهينة ومُزينة وغيرهم من القبائل فأراهم بالربذة مكتفين في الشمس.

قال: وسُجنتُ مع عبد الله بن حسن وأهل بيته، فوافى أبو جعفر بالرَّبذة منصرفًا من الحجّ. فسأل عبد الله بن حسن أبا جعفر أن يأذن له في الدخول عليه، فأبى أبو جعفر، فلم يره حتى فارق الدنيا. قال: ثم دعانى أبو جعفر من بينهم، فأدخلت عليه وعنده عيسى بن عليّ فلمّا رآنى عيسى قال: نعم، هو هو يا أمير المؤمنين، وإن أنت شددت عليه أخبرك بمكانهم فدنوت فسلمت فقال أبو جعفر: لا سلام الله عليك. أين الفاسقان ابنا الفاسق، الكاذبان ابنا الكاذب؟ قلت يا أمير المؤمنين: هل ينفعنى الصّدق عندك؟ قال: وما ذاك؟ قال: قلت: امرأته طالق، وعليّ وعليّ، إن كنت أعرف مكانهما، قال: فلم يقبل ذلك منِّى، وقال: السِّياط، فأتى بالسِّياط، وأُقِمْتُ بين العُقَابَيْن (١) فضربنى أربعمائة سوط فما عقلت بها حتى رُفع عنِّى، ثم رُددت إلى أصحابي على تلك الحال. ثم بعث إلى الدِّيباج محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان وكانت ابنته تحت إبراهيم بن عبد الله بن الحسن، فلما أدخل عليه قال: أخبرني عن الكذّابين ما فعلا؟ وأين هما؟ قال: والله يا أمير المؤمنين مالى بهما علم. قال: لتخبرنى. قال: لقد قلت لك، وبالله إني لصادق ولقد كنت أعلم علمهما قبل اليوم فأما اليوم فوالله ما لي بهما علم. قال: جرّدوه فجُرّد فضربه مائة سوط وعليه جامعة حديد في عنقه، فلما فُرِغ من ضربه أُخْرِج فَأُلْبِس قميصًا له قُوهِيًّا (٢) على الضرب، فأتى به إلينا فوالله ما قدروا على نزع القميص من لصوقه بالدّم، حتى حُلب عليه شاة ثم انتُزع القميص ودُووى. فقال أبو جعفر: أحدروهم إلى العراق، فقُدم بنا إلى الهاشمية فحُبسنا بها، فكان أول من مات عبد الله بن حسن في الحبس. فجاء السجّان فقال: ليخرج أقربكم به فيصلّى عليه، فخرج أخوه حسن بن حسن بن حسن بن عليّ فصلّى عليه، ثم مات حسن بن حسن بعده فأخرج محمد بن عبد الله بن عَمْرو بن عثمان فصلى عليه.

ثم مات محمد بن عبد الله بن عَمْرو بن عثمان، فأخذ رأسه فبُعث به مع جماعة من الشيعة إلى خُراسان، فطافوا به كُور خُراسان فجعلوا يحلفون بالله أن


(١) العقابان: خشبتان يشد الرجل بينهما أثناء ضربه.
(٢) قوهيًّا: نسبة إلى قوهستان: كورة بين نيسابور وهراة، وهى ثياب بيض تنسج هناك.