للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عليه رحّب وقرّب وقال: يا غلام مِرْفَقة. فقعدتُ إلى جانبه فقال لي: أبا عبد الله تدرى لِمَ دعوتُك؟ قلتُ: لا، فقال: أسْهَرَتْنِي ليلتي هذه فكْرة في أمرك وورود هذا الشهر وما عندك. فقلتُ: أصْلَحَ الله الوزير! إنّ قصّتي تطول. فقال لي: إنّ القصّة كلّما طالت كان أشهَى لها. فخبّرتُه بحديث أمّ عبد الله وحديث إخواني الثلاثة وما كان من ردّها لهم، وخبّرته بحديث الطالبي وخبر أخي الثاني المواسى له بالكيس. فقال: يا غلام دواة. فكتب رقعة إلى خازنه، فإذا كيس فيه خمسمائة دينار، فقال لي: يا أبا عبد الله اسْتَعِنْ بهذا على شهرك.

ثمّ رفع رقعة إلى خازنه فإذا صرَّة فيها مائتا دينار فقال: هذا لأمّ عبد الله لجزالتها وحسن عقلها، ثمّ رفع رقعة أُخرى فإذا مائتا دينار فقال: هذا للطالبي، ثمّ رفع رقعة أخرى فإذا صرّة فيها مائتا دينار فقال: هذا للمواسي لك، ثمّ قال لي: انْهضْ أبا عبد الله في حفظ الله.

قال فركبتُ من فورى فأتيتُ صاحبي الذي واساني بالكيس فدفعتُ إليه المائتي دينار وخبّرته بخبر يحيَى بن خالد، فكاد يموت فرحًا. ثمّ أتيتُ الطالبي فدفعتُ إليه الصرّة وأخبرته بخبر يحيَى بن خالد، فدعا وشكر. ثمّ دخلتُ منزلي فدعوتُ أمّ عبد الله فدفعتُ إليها الصرّة فدعت وجزت خيرًا. فكيف ألامُ على حبّ البرامكة، [و] يحيَى بن خالد خاصّة؟ (*)

وتوفّي وهو على القضاء في ذي الحجّة سنة سبعٍ ومائتين وصلّى عليه محمد بن سَماعة التميمي وهو يومئذٍ على القضاء ببغداد في الجانب الغربي. وأوصَى محمد بن عمر إلى عبد الله بن هارون أمير المؤمنين فقبل وصيّته وقَضَى دَيْنَه. وكان لمحمد بن عُمر يوم مات ثمان وسبعون سنة (١).

قال محمد بن سعد: أخبرني أنه وُلِدَ في أول سنة ثلاثين ومائة.

* * *


(١) أورده المزي ج ٢٦ ص ١٩٢ نقلًا عن ابن سعد.