للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال لي: ما جاء بك أبا عبد الله؟ فأخبرتُه بورود الشهر وضيق الحال. قال ففكّر ساعةً ثمّ قال لي: ارْفع ثِنى الوِسادة فخذ ذلك الكيس فطهّرْه واستنفقْه، فإذا هي دراهم مُكحلة (١). فأخذت الكيس وصرتُ إلى منزلي فدعوتُ رجلًا كان يتولّى شراء حوائجي فقلت: اكتب من الدقيق عشرة أقفزة، ومن الأرز قفيزًا، ومن السكّر كذا، حتى قصّ جميع حوائجه.

فبينا نحن كذلك إذ سمعتُ دقّ الباب فقلت: انْظروا من هذا. فقالت الجارية: هذا فلان بن فلان: بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب. فقلت: ائْذني له. فقمت له عن مجلسي ورحبّتُ به وقرّبت وقلت له: يابن رسول الله ما جاء بك؟ فقال لي: يا عمّ أخرجني ورود هذا الشهر وليس عندنا شيء. ففكّرتُ ساعة ثمّ قلتُ له: ارفع ثنى الوسادة فخذ الكيس بما فيه. فأخذ الكيس، ثمّ قلت لصاحبي: اخْرج. فخرج.

فدخلتْ أم عبد الله فقالت لي: ما صنعتَ في حاجة الفتى؟ فقلت لها: دفعتُ إليه الكيس بأسْرِه. فقالت: وُفّقْتَ وأحسنتَ. ثمّ فكّرتُ في صديق لي بقرب المنزل فانتعلت وخرجت إليه فدققت الباب فأذن لي، فدخلتُ فسلّم عليّ ورحّب وقرّب ثمّ قال لي: ما جاء بك أبا عبد الله؟ فخبّرته بورود الشهر وضيق الحال. ففكّر ساعة ثمّ قال لي: ارفع ثنى الوسادة فخذ الكيس، فخذ نصفه وأعْطِنا نصفه. فإذا كيسى بعينه. فأخذتُ خمسمائة درهم ودفعتُ إليه خمسمائة وصرت إلى منزلي فدعوت الرجل الذي كان يلي شراء حوائجي فقلت له: اكتب خمسة أقفزة دقيق. فكتب لي جميع ما أردت من حوائجي.

فبينا أنا كذلك إذا أنا بِدَاقٍّ يدقّ الباب فقلت للخادم: انْظري من هذا. فخرجتْ ثمّ رجعتْ إليَّ فقالت: خادم نبيل. فقلت لها: ائْذني له. فنزل فإذا كتاب من يحيَى بن خالد يسألني المصير إليه في وقته ذلك. فقلت للرجل: اخْرج. ولبستُ ثيابي وركبتُ دابّتي ثمّ مضيتُ مع الخادم فأتيتُ منزل يحيَى بن خالد، - رحمه الله -، فدخلتُ عليه وهو جالس في صحن داره، فلمّا رآني وسلّمتُ


(١) مكحلة: كثيرة.