قال محمد بن سعد: قال أصحابنا: وكان الشعبي فيمن خرج مع القُرّاء على الحجّاج وشهد دير الجَماجم، وكان فيمن أفلت فاختفى زمانًا، وكان يكتب إلى يزيد ين أبي مسلم أن يكلّم فيه الحجّاج. فأرسل إليه: إني والله ما أجْتَرئ على ذلك ولكن تحيّن جلوسَه للعامّة ثمّ ادْخُلْ عليه حتى تمثل بين يديه وتتكلّم بعذرك وأقرّ بذنبك واستشهدْنى على ما أحببتَ أشْهد لك. قال: ففعل الشعبي، فلم يشعر الحجّاج إلا وهو قائم بين يديه، قال له: الشعبي؟ قال: نعم أصلح الله الأمير. قال: ألم أقدم البلدَ وعطاؤك كذا وكذا فزِدْتُك في عطائك ولا يُزاد مثلك؟ قال: بلى أصلح الله الأمير. قال: ألم آمرْ أن تؤمّ قومك ولا يؤمّ مثلك؟ قال: بلى أصلح الله الأمير. قال: ألم أعرّفك على قومك ولا يعرَّف مثلُك؟ قال: بلى أصلح الله الأمير. قال: ألم أوفِدْك على أمير المؤمنين ولا يوفَد مثلك؟ قال: بلي أصلح الله الأمير. قال: فما أخرجك مع عدوّ الرحمن؟ قال: أصلح الله الأمير، خبطتنا فتنةٌ فما كنّا فيها بأبرار أتقياء ولا فجّار أقوياء، وقد كتبتُ إلى يزيد بن أبي مُسلم أُعْلِمه ندامتى على ما فرط منّى ومعرفتى بالحقّ الذي خرجتُ منه وسألته أن يُخْبر بذلك الأمير ويأخذ لي منه أمانًا فلم يفعل. فالتفت الحجّاج إلى يزيد فقال: أكذلك يا يزيد؟ قال: نعم أصلح الله الأمير. قال: فما منعك أن تخبرنى بكتابه؟ قال: الشغل الذي كان فيه الأمير. فقال الحجّاج: أولًا، انصرف، فانصرف الشعبي إلى منزله آمنًا.
قال: أخبرنا محمّد ين الفُضيل بن غَزْوان عن ابن شُبْرُمة عن الشعبيّ قال: ما كتبتُ سوداء في بيضاء قطّ، وما حدّثنى أحد بحديث فأحببت أن يُعيده عليّ.
قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدّثنا أبو بكر بن عيّاش، عن مغيرة قال: كان الشعبي يؤبّدنا يجئ بالأوابد ما كذا وكذا.
قال: أخبرنا قبيصة بن عُقْبة قال: حدّثنا سفيان قال: أخبرني من سمع الشعبي يقول: ليتني انفلتّ من عملى كفافًا لا عليّ ولا لي.
قال: أخبرنا عبد الله بن عمرو المنقري قال: حدّثنا عبد الوارث بن سعيد قال: حدّثنا محمّد بن جُحادة أنّ عامرًا الشعبي سُئل عن شيء فلم يكن عنده فيه شيء، فقيل له: قل برأيك، قال: وما تصنع برَأيي؟ بُل على رأيي.