للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منزل يحيَى بن سعيد القطّان، فقال لبعض أهل الدّار: أما قُرْبَكم أحد من أصحاب الحديث؟ قالوا: بَلَى يحيَى بن سعيد. قال: جئنى به. فأتاه به فقال: أنا ها هنا منذ ستّة أيّام أو سبعة. فحوّله يحيَى إلى جواره وفتح بينه وبينه بابًا، وكان يأتيه بمحدّثى أهل البصرة يسلّمون عليه ويسمعون منه، فكان فيمن أتاه: جرير بن حازم والمبارك بن فُضالة وحمّاد بن سلمَة ومرحوم العطّار وحمّاد بن زيد وغيرهم، وأتاه عبد الرحمن بن مهديّ ولزمه، فكان يحيَى وعبد الرحمن يكتبان عنه تلك الأيّام، وكَلَّمَا أبا عَوانة أن يأتيه فأبَى وقال: رجل لا يعرفنى كيف آتيه؟ وذاك أنّ أبا عَوانة سلّم عليه بمكّة فلم يردّ عليه سفيان السّلامَ، وكُلّم في ذلك فقال: لا أعرفه (١).

ولما تخوّف سفيان أن يُشْهَر بمقامه بالبصرة قربَ يحيَى بن سعيد قال له: حوّلنى من هذا الموضع. فحوّله إلى منزل الهيثم بن منصور الأعرجي من بنى سعد ابن زيد مناة بن تميم. فلم يزل فيهم فكلّمه حمّاد بن زيد في تَنَحّيه عن السلطان وقال: هذا فِعْلُ أهل البِدَع، وما تخاف منهم؟ فأجمع سفيان وحمّاد بن زيد على أن يقدما بغداد (٢).

قال: وكتب سفيان إلى المهدى أو إلى (٣) يعقوب بن داود فبدأ بنفسه، فقيل له إنّهم يغضبون من هذا، فبدأ بهم، فأتاه جواب كتابه بما يجب من التقريب والكرامة والسمع منه والطّاعة فكان على الخروج إليهم، فحُمّ ومرض مرضًا شديدًا وحضره الموت فجزع، فقال له مرحوم بن عبد العزيز: يا أبا عبد الله ما هذا الجزع؟ إنّك تقدم على الربّ الذي كنت تعبده. فسكن وهدأ وقال: انْظُروا مَن ها هنا من أصحابنا الكوفيّين. فأرْسَلوا إلى عَبّادان فقدم عليه عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر والحسن بن عيّاش أخو أبي بكر بن عيّاش، فأوصى إلى عبد الرحمن بن عبد الملك وأوصاه أن يصلّى عليه فأقاما عنده حتى مات (٤).


(١) المصدر السابق نقلا عن ابن سعد.
(٢) نفس المصدر.
(٣) لدى الذهبي وهو ينقل عن ابن سعد "إلى المهدي وإلى يعقوب".
(٤) نفس المصدر.