لا يأكل اللّحم ولا السمن ولا يصلّى فى المساجد ولا يتزوّج النساء ولا تمسّ بشرته بشرة أحدٍ ويقول: إنى مثل إبراهيم، فأتيتُه فدخلتُ عليه وعليه برنس فقلت: إنّ النّاس يزعمون أو يقولون إنّك لا تأكل اللّحم، قال: أما إنا إذا اشتهينا أمرنا بالشاة فذُبحت فأكلنا من لحمها أحدث هؤلاء شيئًا لا أدرى ما هو، وأمّا السمن فإنى آكل ما جاء من هاهنا، وضرب ابن عون يده نحو البادية وقال: لا آكل ما جاء من هاهنا، يعنى الجبل، وأمّا قولهم إنى لا أصلّى فى المساجد فإنّى إذا كان يوم الجمعة صليت مع النَّاس، ثمّ أختار الصلاة بعد هاهنا، وأمّا قولهم إنى لا أتزوّج النساء فإنما لى نفس واحدة فقد خشيتُ أن تغلبنى، وأمّا قولهم إنى زعمتُ أنى مثل إبراهيم فليس هكذا قلتُ، إنّما قلتُ: إنّى لأرجو أن يجعلنى الله مع النبيّين والصدّيقين والشّهداء والصّالحين وحَسُنَ أولئك رَفِيقًا.
قال: أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابىّ قال: حدَّثَنِى جدّى الصبّاح بن أبي عبدة العنبرىّ قال: حدَّثَنِى رجل من الحىّ كان صدوقًا فأُنْسيتُ أنا اسمه قال: صحبتُ عامرًا فى غزاة فنزلنا بحضرة غَيْضَة فجمع متاعه وطوّل لفرسه وطرح له، قال: ثمّ دخل الغيضة فقلت: لأنظرنّ ما يصنع الليلة، قال: فانتهى إلى رابية فجعل يصلّى حتّى إذا كان فى وجه الصبح أقبل فى الدّعاء، فكان فيما يدعو به: اللهمّ سألتك ثلاثًا فأعطيتنى اثنتين ومنعتنى واحدةً، اللّهمّ فَأَعْطِنيها حتّى أعبدك كما أحبّ وكما أريد، وانفجر الصبح، قال: فرآنى فقال: ألا أراك كنت تراعينى منذ الليلة لهممتُ بك، ورفع صوته عليّ، ولهممتُ وفعلتُ، قلتُ: دع هذا عنك والله لتُحدّثنى بهذه الثلاث التى سألتها ربّك أو لأخبرنّ بما تكره ممّا كنتَ فيه الليلة، قال: ويْلك لا تفعل! قال: قلت: هو ما أقول لك، فلمّا رآنى أنى غير مُنتهٍ قال: فلا تحدّث به مادمتُ حيّا، قال: قلت لك الله عليّ بذلك، قال: إنى سألتُ ربي أن يُذهب عنى حبّ النساء، ولم يكن شيء أخْوف عليّ فى دينى منهنّ، فوالله ما أُبالى امرأة رأيت أم جدارًا، وسألتُ ربى أن لا أخاف أحدًا غيره فوالله ما أخاف أحدًا غيره، وسألتُ ربي أن يُذهب عنى النوم حتّى أعبده بالليل والنهار كما أريد فمنعنى.
قال: أخبرنا عمرو بن عاصم قال: حدّثنا همّام عن قتادة قال: سأل عامر بن