للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

راجعون، اللهمّ عندك احتسبت مصيبتى فآجرنى فيها، وأردت أن أقول وأبدلنى بها خيرًا منها فقلت: من خير من أَبى سَلَمة؟ فما زلت حتى قلتها. فلمّا انقضت عدّتها خطبها أبو بكر فردّته، ثمّ خطبها عمر فردّته، فبعث إليها رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقالت: مرحبًا برسول الله وبرسوله، أخْبِرْ رسول الله أنى امرأة غَيْرَى وأنى مُصْبِيَة (١) وأنّه ليس أحد من أوليائى شاهد. فبعث إليها رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أمّا قولك إنى مُصْبِيَة فإنّ الله سيكفيك صبيانك، وأمّا قولك إنى غَيْرَى فسأدعو الله أن يذهب غيرتك، وأمّا الأولياء فليس أحد منهم شاهد ولا غائب إلا سيرضانى. قال قالت: يا عمر قم فزوّجْ رسول الله. قال رسول الله: أما إنى لا أنقصك ممّا أعطيت أختك فلانة، رحيين وجرّتين ووسادة من أدم حشوها ليف. قال: وكان رسول الله يأتيها فإذا جاء أخذت زينب فوضعتها في حجرها لترضعها، وكان رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حييًّا كريمًا يستحى فيرجع، فعل ذلك مرارًا، ففطن عمّار بن ياسر لما تصنع، قال: فأقبل ذات يوم وجاء عمّار، وكان أخاها لأمّها، فدخل عليها فانتشطها من حجرها وقال: دعى هذه المقبوحة المشقوحة التى آذيت بها رسول الله. فدخل فجعل يقلّب بصره في البيت يقول: أين زُناب؟ ما فعلت زناب؟ قالت: جاء عمّار فذهب بها. قال: فبنى رسول الله بأهله ثمّ قال: إن شئت أن أسبّع لك سبّعت للنساء (٢).

أخبرنا عبد الله بن نمير، حدّثنا أبو حيّان التيمى عن حبيب بن أبى ثابت قال: قالت أمّ سلمة: لما انقضت عدّتى من أبى سلمة أتانى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فكلَّمنى بينى وبينه حجاب فخطب إليّ نفسى فقلت: أى رسول الله وما تريد إلى، ما أقول هذا إلا رغبة لك عن نفسى، إنى امرأة قد أدبر منى سنى وإنى أمّ أيتام وأنا امرأة شديدة الغيرة وأنت يا رسول الله تجمع النساء. فقال رسول الله: فلا يمنعك ذلك، أمّا ما ذكرت من غيرتك فيذهبها الله، وأمّا ما ذكرت من سنّك فأنا أكبر منك سنًّا، وأما ما ذكرت من أيتامك فعلى الله وعلى رسوله. فأذنت له في نفسى


(١) غَيْرَى: كثيرة الغيرة، ومصبية: ذات صبيان وأولاد صغار.
(٢) أورد بعضه الذهبى في سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٢٠٣ - ٢٠٥.