فتزوّجنى، فلمّا كانت ليلة واعدنا البناء قمت من النهار إلى رحاى وثفالى فوضعتهما وقمت إلى فضلة شعير لأهلى فطحنتها وفضلة من شحم فعصدتها لرسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلمّا أتانا رسول الله قُدم إليه الطعام فأصاب منه، وبات تلك الليلة، فلمّا أصبح قال: قد أصبح بك على أهلك كرامة ولك عندهم منزلة فإن أحببت أن تكون ليلتك هذه ويومك هذا كان، وإن أحببت أن أسبّع لك سبّعت، وإن سبّعت لك سبّعت لصواحبك، قالت: يا رسول الله افعل ما أحببت.
أخبرنا الفَضْلُ بن دُكَيْن ومحمّد بن عبد الله الأسدى قال: حدّثنا عبد الواحد بن أيمن قال: حدّثنى أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أنّ رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، خطب أمّ سلمة فقال لها فيما يقول: فما يمنعك يا أمّ سلمة؟ قالت: فيّ خصال ثلاث، أمّا أنا فكبيرة وأنا مُطْفِلٌ وأنا غَيُور، فقال: أمّا ما ذكرت من الغيرة فندعو الله حتى يذهبه عنك، وأمّا ما ذكرت من الكبر فأنا أكبر منك والطفل إلى الله وإلى رسوله. فنكحته فكان يختلف إليها ولا يمسّها لأنّها تُرضع حتّى جاء عمّار بن ياسر يومًا فقال: هات هذه الجارية التى شغلت أهل رسول الله. فذهب بها فاسترضعها بقُباء، فدخل رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فسأل عن الصبيّة أين زُناب؟ قالت امرأة مع أمّ سلمة قاعدة، فأخبرته أنّ عمّارًا ذهب بها فاسترضعها. قال: فإنّا قاسمون غدًا. فجاء الغد وكان عند أهله، فلمّا أراد أن يخرج قال: يا أمّ سلمة إنّ بك على أهلك كرامة وإنى إن سبّعت لك وإنى لم أسبّع لامرأة لى قبلك، وإن سبّعت لك سبّعت لهنّ.
أخبرنا الفَضْلُ بن دُكَيْن، حدّثنا عبد الرحمن بن الغَسِيل قال: حدّثتنى خالتى سُكينة بنت حنظلة عن أبى جعفر محمد بن عليّ أنّ رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، دخل على أمّ سلمة حين توفّى أبو سلمة فذكر ما أعطاه الله وما قسم له وما فضّله، فما زال يذكر ذلك ويتحامل على يده حتى أثّر الحصير في يده ممّا يحدّثها.
أخبرنا محمد بن عمر، حدّثنا عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمّد الأخنسى عن عبد الرحمن بن سعيد بن يَرْبُوع عن أُمِّ سَلَمَة قالت: لما خطبنى رسول الله قلت: إنى فيّ خلال لا ينبغى لى أن أتزوّج رسول الله، إني امرأة مُسِنّة، وإنى أمّ أيتام، وإنى شديدة الغَيْرة. قالت فأرسل إليّ رسول الله: أمّا قولك