للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أصبح اليوم عروسًا وما أرى عنده من غداء، فهلمّ تلك العكّة. فناولتها فعملت له حَيْسًا (١) من عجوة في تَوْرٍ (٢) من فخّار قدر ما يكفيه وصاحبته وقالت: اذهب به إليه. فدخلت عليه وذلك قبل أن تنزل آية الحجاب، فقال: ضعه. فوضعته بينه وبين الجدار، فقال لى: ادعُ أبا بكر وعمر وعثمان وعليًّا. وذكر ناسًا من أصحابه سمّاهم. فجعلت أعجب من كثرة من أمرنى أن أدعوه وقلّة الطعام، إنّما هو طعام يسير وكرهت أن أعصيه، فدعوتُهم فقال: انظر مَن كان في المسجد فادعه. فجعلت آتى الرجل وهو يصلّى أو هو نائم فأقول: أجب رسول الله فإنه أصبح اليوم عروسًا، حتى امتلأ البيت، فقال لى: هل بقى في المسجد أحد؟ قلت: لا. قال: فانظر من كان في الطريق فادعهم. قال: فدعوت حتى امتلأت الحجرة، فقال: هل بقى من أحد؟ قلت: لا يا رسول الله. قال: هلمّ التور. فوضعته بين يديه فوضع أصابعه الثلاث فيه وغمزه وقال للناس: كلوا بسم الله. فجعلت أنظر إلى التمر يربو أو إلى السمن كأنّه عيون تنبع حتى أكل كل من في البيت ومن في الحجرة وبقى في التور قدر ما جئت به، فوضعته عند زوجته ثمّ خرجت إلى أمّى لأعجبّها ممّا رأيت، فقالت: لا تعجب، لو شاء الله أن يأكل منه أهل المدينة كلّهم لأكلوا. فقلت لأنس: كم تراهم بلغوا؟ قال: أحدًا وسبعين رجلًا، وأنا أشكّ في اثنين وسبعين.

أخبرنا عَمْرو بن عاصم، أخبرنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال: لمّا تزوّج رسول الله زينب بنت جحش أطعمنا عليها الخبز واللحم حتى امتدّ النهار وخرج الناس وبقى رهط يتحدّثون في البيت، وخرج رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وتبعته فجعل يتتبّع حجر نسائه ليسلّم عليهنّ، فقلن: يا رسول الله كيف وجدتَ أهلك؟ قال: فما أدرى أنا أخبرته أن القوم قد خرجوا أو أُخبر، فانطلق حتى دخل البيت، فذهبت أدخل، فقال بالباب بينى وبينه، ونزل الحجاب ووعظ القوم بما وعظوا به.


(١) لدى ابن الأثير في النهاية (حَيْس) فيه "أنه أوْلم على بعض نسائه بحَيْس" هو الطعام المُتَّخذ من التمر والأقِط والسمن، وقد يجعل عوض الأقِط الدقيق.
(٢) لدى ابن الأثير في النهاية (تور) في حديث أم سليم "أنها صنَعَتْ حَيْسًا في تَوْر" هو إناء من صُفْر أو حجارة كالإجَّانة، وقد يُتَوضأ منه.