للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أميال من خيبر - مال يريد أن يُعَرِّس بها فأبت عليه فوجد النبيّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، في نفسه من ذلك. فلمّا كان بالصَّهْباء -وهى على بَرِيد من خَيْبر- قال رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لأمّ سُلَيم: عليكنّ صاحبتكنّ فامشطنها. وأراد رسول الله أن يعرّس بها هناك. قالت أمّ سُلَيم: وليس معنا فسطاط ولا سرادقات فأخذت كسائين أو عباءتين فسترت بينهما إلى شجرة فمشطتها وعطّرتها. قالت أم سنان الأسلميّة: وكنت فيمن حضر عرس رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بصفيّة مشطناها وعطّرناها، وكانت جارية تأخذ الزينة من أوضإ ما يكون من النساء وما وُجدت رائحة طيب كان أطيب من ليلتئذٍ، وما شعرنا حتى قيل رسول الله يدخل على أهله وقد نَمَّصْنَاهَا (١) ونحن تحت دَوْمَة (٢)، وأقبل رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يمشى إليها فقامت إليه، وبذلك أمرناها، فخرجنا من عندهما وأعرس بها رسول الله هناك وبات عندها، وغدونا عليها وهى تريد أن تغتسل، فذهبنا بها حتى توارينا من العسكر فقضت حاجتها واغتسلت، فسألتها عمّا رأت من رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فذكرت أنّه سرّ بها ولم ينم تلك الليلة ولم يزل يتحدّث معها، وقال لها: ما حملك على الذى صنعت حين أردت أن أنزل المنزل الأوّل فأدخل بك؟ قالت: خشيت عليك قرب يهود. فزادها ذلك عند رسول الله، وأصبح رسول الله فأولم عليها هناك وما كانت وليمته إلّا الحَيْس (٣)، وما كانت قصاعهم إلا الأنْطَاع (٤)، فتغدّى القوم يومئذٍ ثمّ راح رسول الله فنزل بالقُصيبة وهى على ستّة عشر ميلًا (٥).

أخبرنا عَمْرو بن عاصم الكِلَابى، حدّثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال قال: قالت صفيّة بنت حُيَيّ: رأيت كأنّى وهذا الذى يزعم أنّ الله أرسله وملك يسترنا بجناحه. قال فردّوا عليها رؤياها وقالوا لها في ذلك قولًا شديدًا (٦).


(١) النَّمص: نتف الشَّعر، ونمص الشعر تنميصا: نَمَصَه.
(٢) الدَّوْمَة: واحدة الدَّوْم، وهى ضِخَام الشجر.
(٣) الحيس: الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن.
(٤) الأنطاع: جمع نِطع وهو بساط من الأديم.
(٥) أورده الواقدى في المغازى ج ٢ ص ٧٠٧ - ٧٠٨.
(٦) أورده الذهبى في سير أعلام النبلاء ج ٢ ص ٢٣٥.