للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبا سفيان فى الطريق فوافى المشركين بالجُحفة، فمضى معهم فجُرح يوم بدر جِرَاحات وهرب على قَدميه، ورجعت بنو زُهرة من الجحفة، أشار عليهم بذلك الأخْنَس بن شَريق الثقفى، وكان حليفًا لهم، وكان فيهم مطاعًا، وكان اسمه أُبِىّ فلمّا رجع ببنى زُهرة قيل: خَنَس بهم، فسُمّى الأخْنَس.

وكان بنو زُهرة يومئذ مائة رجل، وقال بعضهم: بل كانوا ثلاثمائة رجل.

وكانت بنو عدىّ بن كعب مع النّفير، فلمّا بلغوا ثنيّة لِفْت (١) عَدَلوا في السَّحَرِ (٢) إلى الساحل منصرفين إلى مكة، فصادفهم أبو سفيان بن حرب فقال: يا بنى عدىّ، كيف رَجعتم لا فى العير ولا فى النفير؟ فقالوا: أنت أرسلتَ إلى قريش أن ترجع. ويقال: بل لقيهم بمرّ الظَّهران، فلم يشهد بدرًا من المشركين أحد من بنى زُهرة ولا من بنى عَدىّ. ومضى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حتى إذا كان دون بدر أتاه الخبر بمسير قريش، فأخبر به رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أصحابه واستشارهم، فقال المِقْداد بن عمرو البَهرانى: والذى بعثك بالحقّ، لو سِرتَ بنا إلى بِرْك الغِمَاد (٣) لَسرنا معك حتى ننتهى إليه. ثمّ قال رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أشيروا علىّ، وإنما يريد الأنصار. فقام سعد بن مُعاذ فقال: أنا أجيب عن الأنصار، كأنّك يا رسول الله تريدنا؟ قال: أجلْ. قال: فامضِ يا نبىّ الله لما أردتَ، فوالذى بَعثك بالحقّ لو استعرَضتَ هذا البحر فخُضتَه لَخُضناه معك ما بقي منّا رجل واحد. فقال رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: سِيروا على بَركة الله، فإنَّ الله قد وَعَدنى إحدى الطّائفتين، فوالله لكأنّى أنظر إلى مَصارع القوم. وعَقَدَ رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يومئذ الألوية، وكان لواء رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يومئذ الأعظم لِواءُ المهاجرين مع مُصْعَب بن عُمَير، ولواءُ الخَزْرَج مع الحُباب بن المُنْذِر، ولواء الأَوس مع سَعد ابن مُعاذ، وجعل رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، شِعار المهاجرين: يا بنى عبد الرحمن، وشعار الخزرج: يا بنى عبد الله، وشعار الأوس: يا بنى عُبيد الله، ويقال: بَل كان شعار المسلمين جميعًا يومئذ: يا منصور أَمِتْ. وكان مع المشركين ثلاثة


(١) لفت: موضع بين مكة والمدينة.
(٢) السَّحَرُ: آخر الليل قبيل الفجر.
(٣) لدى ياقوت برك الغماد: بكسر الغين المعجمة، وقال ابن دريد: بالضم، وهو موضع وراء مكة بخمس ليال مما يلى البحر.