شهر ربيع الأوّل على رأس خمسة وعشرين شهرًا من مُهاجَر رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وكان سبب قتله أنه كان رجلًا شاعرًا يهجو النبىّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأصحابَه ويُحرّض عليهم ويؤذيهم، فلمّا كانت وقعة بدر كُبِتَ وذلّ وقال: بطن الأرض خيرٌ من ظهرها اليوم، فخرج حتى قدم مكة فبكّى قتلى قريش وحرّضهم بالشعر، ثمَّ قدم المدينة فقال رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: اللهمّ اكفِنى ابن الأشرف بما شئتَ فى إعلانه الشرّ وقوله الأشعار، وقال أيضًا: مَن لى بابن الأشرف فقد آذانى؟ فقال محمّد بن مَسلمة: أنا به يا رسول الله وأنا أقتله، فقال: افعلْ وشاوِرْ سعْد بن مُعاذ فى أمره. واجتمع محمّد بن مَسلمة ونفر من الأوس منهم عبّاد بن بشر وأبو نائلة سِلكان بن سلامة والحارث بن أوس بن مُعاذ وأبو عبس بن جبر فقالوا: يا رسول الله نحن نقتله فَأذنْ لنا فَلنَقُلْ: فقال: قولوا. وكان أبو نائلة أخا كعب بن الأشرف من الرّضاعة فخرج إليه، فأنكره كعب وذعر منه فقال: أنا أبو نائلة إنّما جئت أخبرك أنّ قدوم هذا الرّجل كان علينا من البلاء، حاربتنا العرب ورمَتنا عن قوس واحدة ونحن نريد التنحّى منه، ومعى رجال من قومى على مثل رأيى وقد أردت أن آتيك بهم فنبتاع منك طعامًا وتمرًا ونَرهنك ما يكون لك فيه ثقةٌ، فسكن إلى قوله وقال: جِئْ بهم متى شئت.
فخرج من عنده على ميعاد فأتى أصحابه فأخبرهم، فأجمعوا أمرهم على أن يأتوه إذا أمسى، ثمّ أتوا رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأخبروه فمشى معهم حتى أتى البقيع ثمّ وجّههم وقال: امضوا على بركة الله وعونه: قال: وفى ليلة مقمرة، فمضوا حتى انتهوا إلى حصنه، فهتف له أبو نائلة فوثب، فأخذت امرأته بمِلحفَته وقالت: أين تذهب؟ إنّك رجل محارب! وكان حديثَ عهدٍ بعُرْسٍ، قال: ميعادٌ علىّ وإنما هو أخى أبو نائلة، وضرب بيده الملحفة وقال: لو دُعِى الفتى لطعنةٍ أجاب، ثم نزل إليهم فحادثوه ساعة حتى انبسط إليهم وأنس بهم، ثم أدخل أبو نائلة يده فى شعره وأخذ بقُرون رأسه وقال لأصحابه: اقتلوا عدوّ الله! فضربوه بأسيافهم فالتفّت عليه فلم تُغنِ شيئًا ورد بعضها بعضًا ولصق بأبى نائلة.
قال محمّد بن مَسلمة: فذكرتُ مِغولًا (١) كان فى سيفى فانتزعته فوضعته