للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فى سُرّته ثمّ تحاملت عليه فقططته حتى انتهى إلى عانته، فصاح عدوّ الله صَيحة ما بقى أطمٌ من آطام يهود إلّا أوقدت عليه نار: ثمّ حزّوا رأسه وحملوه معهم، فلمّا بلغوا بقيع الغَرْقد كبّروا وقد قام رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، تلك اللّيلة يصلى، فلمّا سمع تكبيرهم كبّر وعرف أن قد قتلوه، ثمّ انتهوا إلى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: أفلَحَتِ الوجوهُ! فقالوا: ووجهك يا رسول الله، ورموا برأسه بين يديه، فحمد الله على قتله، فلمّا أصبح قال: من ظفرتم به من رجال يهود فاقتلوه! فخافت اليهود فلم يطلع منهم أحد ولم ينطقوا وخافوا أن يُبَيَّتوا كما بُيّتَ ابن الأشرف.

أخبرنا محمّد بن حُميد العبدى عن مَعمر بن راشد عن الزّهرى، فى قوله تعالى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا} [سورة آل عمران: ١٨٦]، قال: هو كعب بن الأشرف، وكان يحرّض المشركين على رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأصحابه يعنى فى شعره، يهجو النبىّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأصحابه. فانطلق إليه خمسة نفر من الأنصار فيهم محمّد بن مَسلَمة ورجل آخر يقال له أبو عَبس، فأتوه وهو فى مجلس قومه بالعوالى، فلمّا رآهم ذُعِرَ منهم وأنكرَ شأنهم، قالوا: جئناك فى حاجةٍ، قال: فَلْيَدْنُ إلىّ بعضكم فَليُخْبِرنى بحاجته، فجاءه رجل منهم فقالوا: جئناك لنبيعك أدراعًا عندنا لنَستنفِق بها، فقال: والله لئن فعلتم لقد جُهِدتم مذ نزل بكم هذا الرجل. فواعدوه أن يأتوه عشاء حين تهدّأ عنهم الناس، فنادوه، فقالت امرأته: ما طَرَقَك هؤلاء ساعتَهم هذه لشئ ممّا تُحبّ! قال: إنّهم حدّثونى بحديثهم وشأنهم.

أخبرنا محمّد بن حُميد عن معمر عن أيّوب عن عِكرمة أنّه أشرف عليهم فكلّموه وقال: ما تَرهنون عندى؟ أترهنونى أبناءكم؟ وأراد أن يُسلِفهم تمرًا، قالوا: إنّا نستحى أن يُعيّرَ أبناؤنا فيقال هذا رهينةُ وسقٍ وهذا رهينة وسقين! قال: فترهنونى نساءكم؟ قالوا: أنت أجمل النّاس ولا نأمَنك، وأىّ امرأة تمتنع منك لجمالك؟ ولكنّا نرهنك سِلاحنا وقد علمتَ حاجتنا إلى السلاح اليوم! قال: نعم ائتونى بسلاحكم واحتملوا ما شئتم، قالوا: فانزلْ إلينا نأخُذْ عليك وتأخُذْ علينا، فذهب ينزل، فتعلّقت به امرأته وقالت: أرسلْ إلى أمثالهم من قومك يكونوا معك، قال: لو وجدنى هؤلاء نائمًا ما أيقظونى، قالت: فكلّمهم من فوق