للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كَتِفَهُ (١) فقلت:

خذها! وَأَنَا ابنُ الأكوَعِ … واليومُ يومُ الرّضّعِ!

فإذا كنت فى الشجرة أحدقتهم بالنبل، وإذا تضايقت الثنايا علوتُ الجبل فرميتهم بالحجارة، فما زال ذلك شأنى وشأنهم أتّبعهم وأرتجز حتى ما خلق الله شيئًا من ظَهر النبىّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إلّا خلّفتُه وراء ظهرى واستنقذته من أيديهم ثمّ لم أزل أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين رمحًا وأكثر من ثلاثين بُرْدةً يستخفون منها ولا يُلقون من ذلك شيئًا إلا جعلتُ عليه حجارة وجمعته على طريق رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حتّى إذا امتدّ الضحى أتاهم عُيينة بن بدْر الفَزَارى مَدَدًا لهم. وهم فى ثنيّة ضيّقة. ثمّ علوت الجبلَ فأنا فوقهم. قال عُيينة: ما هذا الذى أرى؟ قالوا: لقينا من هذا البَرْح (٢) ما فارقَنَا بِسَحَرٍ حتى الآن وأخذ كلّ شئ فى أيدينا وجعله وراء ظهره، فقال عُيينة: لولا أنّ هذا يرى أنّ وراءه طَلَبًا لقد ترككم، ثمّ قال: لِيَقُمْ إليه نَفَرٌ منكم؛ فقام إلىّ نفر منهم أربعة فصعدوا فى الجبل، فلمّا أسمعتهم الصّوتَ قلت لهم: أتعرفوننى؟ قالوا: ومن أنت؟ قلت: أنا ابن الأكوع، والذى كرم وجه محمد لا يطلبنى رجل منكم فيُدْرِكنى ولا أطلبه فيفوتنى! فقال رجلٌ منهم: إنّ ذا ظنّ.

قال: فما برحتُ مَقعَدى ذلك حتى نظرتُ إلى فَوارس رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، يتخلّلون الشجر، وإذأ أوّلهم الأخرم الأسدى وعلى أثره أبو قتادة فارس رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وعلى أثَرِ أبى قَتادة المِقداد، فولّى المشركون مُدبرين وأنزِلُ من الجبل فأعرضُ للأخرم فآخذ عنان فرسه قلتُ: يا أخرمُ أنْذِرِ القومَ! يعنى احذرْهم، فإنى لا آمَنُ أن يقتطعوك فاتّئِد حتّى يلحق رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وأصحابه. قال: يا سَلمة إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أنّ الجنّة حقّ والنّار حقّ فلا تَحُلْ بينى وبين الشهادة! فخلّيتُ عنانَ فرسه فيلحق بعبد الرحمن بن عُيينة ويعطف عليه عبد الرحمن، فاختلفا طعنتين فَعَقَر الأخرم بعبد الرحمن، فطعَنه عبد الرحمن فقتله،


(١) ل "كَبِدَه" والمثبت رواية م، ت. ومثلها لدى الصالحى ج ٥ ص ١٥١ وهو ينقل عن ابن سعد. وانظر لذلك أيضا الطبرى ج ٢ ص ٥٩٩، ومختصر ابن منظور ج ١٠ ص ٨٦.
(٢) البرح: الشدة والأذى.