للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قابيل زرّاعًا فأخذ طُنًّا من شرّ زرعه، ثمّ صعدا الجبل، يعنى نَوْذ، وآدم معهما، فوضعا القربان ودعا آدم ربّه، وقال قابيل فى نفسه: ما أُبالى أَتُقُبِّلَ (١) منى أم لا، لا ينكح هابيل أختى أبدًا، فنزلت النّار فأكلت قربان هابيل وتجنّبت قربان قابيل لأنّه لم يكن زاكى القلب، فانطلق هابيل فأتاه قابيل وهو فى غنمه فقال: لأقتلنّك! قال: لِمَ تقتلنى؟ قال: لأنّ الله تقبّل منك ولم يتقبّل منّى وردّ علىّ قربانى ونكحتَ أختى الحسنة ونكحتُ أختك القبيحة، ويتحدّث الناس بعد اليوم أنّك كنت خيرًا منى، فقال له هابيل: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (٢٨) إِنِّى أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِى وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} [سورة المائدة: ٢٩].

أمّا قَوله بإثْمى يقول: تأثم بقتلى إذا قتلتَنى إلى إثمك الّذى كان عليك قبل أن تقتلنى، فقتله فأصْبَحَ مِنَ النّادِمِينَ فتركه لم يُوَارِ جسده، {فَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِى الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ} [سورة المائدة: ٣١].

وكان قتله عشية، وغدا إليه غُدوة لينظر ما فعل فإذا هو بغراب حىّ يبحث على غراب ميّت، فقال: {يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي} [سورة المائدة: ٣١]، كما يُوارى هذا سَوْءةَ أخيه؟ فدعا بالويل، {فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [سورة المائدة: ٣١].

ثمّ أخذ قابيل بيد أُخْتِه (٢) ثمّ هبط من الجبل، يعنى نَوْذ، إلى الحضيض، فقال آدم لقابيل: اذهب فلا تزال مرعوبًا أبدًا لا تأمن من تراه! فكان لا يمرّ به أحد من ولده إلّا رماه.

فأقبل ابن لقابيل أعمى ومعه ابن له، فقال للأعمى ابنه: هذا أبوك قابيل،


(١) ل "أَيُقْبَلُ" والمثبت من م.
(٢) ل "أخيه" والمثبت من م والطبرى. وعلق عليه الأستاذ شاكر بقوله: "الصواب ما فى المخطوطة "أُخْتِه" فهو بلا شك أخذ الجميلة توأمته (لبود)، لأنه كان سخط القسمة، حين زوجه آدم إقليما (القبيحة) أخت أخيه هابيل".