للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابن ستمائة سنة وغرق من غرق، ثمّ مكث بعد السفينة ثلاثمائة وخمسين سنة (١)، فولد نوح سام، وفى ولده بياض وأُدمة، وحام، وفى ولده سواد وبياض قليل، ويافث، وفيهم الشقرة والحمرة، وكنعان، وهو الذى غرق، والعرب تسميه يام، وذلك قول العرب: إنّما هام عمّنا يام؛ فأمّ هؤلاء واحدة (٢).

وبجبل نَوْذ نجّر نوح السفينة، ومن ثمّ تبدّأ الطوفان، فركب نوح السفينة ومعه بنوه هؤلاء، وكنائنه نساء بنيه هؤلاء، وثلاثة وسبعون من بنى شيث ممّن آمن به، فكانوا ثمانين فى السفينة، وحمل معه من كلّ زوجين اثنين، وكان طول السفينة ثلاثمائة ذراع بذراع جدّ أبى نوح، وعرضها خمسين ذراعًا، وطولها فى السماء ثلاثين ذراعًا، وخرج منها من الماء ستّة أذرع، وكانت مُطْبَقَة، وجعل لها ثلاثة أبواب بعضها أسفل منْ بعض، فأرسل الله المطر أربعين ليلة وأربعين يومًا، فأقبلت الوحش حين أصابها المطر والدوابّ والطير كلّها إلى نوح وسُخّرت له.

فَحملَ فيها كما أمرَهُ الله من كلّ زوجين اثنين، وحمل معه جسد آدم فجعله حاجزًا بين النساء والرّجال، فركبوا فيها لعشر ليال مضين من رجب، وخرجوا منها يوم عاشوراء من المحرم، فلذلك صامَ مَن صامَ يوم عاشوراء، وخرج الماء مثل ذلك نصفين، فذلك قول الله: {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ} [سورة القمر: ١١]؛ يقول: مُنْصَبّ؛ {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} [سورة القمر: ١٢]، يقول: شققنا الأرض، {فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [سورة القمر: ١٢]؛ فصار الماء نصفين: نصف من السماء، ونصف من الأرض.

وارتفع الماء على أطول جبل فى الأرض خمسة عشر ذراعًا، فسارت بهم السفينة فطافت بهم الأرض كلها فى ستّة أشهر لا تستقرّ على شئ حتى أتت الحرم فلم تدخله، ودارت بالحرم أسبوعًا.

ورُفع البيت الّذى بناه آدم، رُفع من الغرق، وهو البيت المعمور، والحجر


(١) أورده الطبرى فى تاريخه ج ١ ص ١٧٤ عن ابن سعد.
(٢) أورده الطبرى فى تاريخه ج ١ ص ١٩١.