للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لَعَمْرُكَ مَا أبكى النّبيّ لِموْتِهِ! … ولكِنْ لِهَرْجٍ كان بَعدَكَ آتيَا

كَأنّ عَلى قَلبى لذِكْرِ مُحَمّدٍ، … ومَا خِفتُ من بعدِ النّبيّ المَكاوِيا

أفاطِمَ صلّى الله، رَبّ مُحَمّدٍ، … عَلى جَدَثٍ أمْسَى بيْثرِبَ ثَاوِيا!

أبَا حَسَنٍ فَارَقْتَهُ وتَرَكْتَهُ، … فَبَكّ بحُزْنٍ آخرَ الدّهرِ شَاجِيَا!

فِدًا لِرَسُولِ اللهِ أُمّى وَخَالَتى … وَعَمّى وَنَفْسى قُصْرَةً ثمّ خَاليا

صَبَرْتَ وَبَلّغْتَ الرّسالَةَ صَادِقًا، … وقُمْتَ صَليبَ الدينِ أبْلَجَ صَافيا!

فَلَوْ أنّ رَبّ النّاسِ أبقَاكَ بَيْنَنَا … سَعِدْنَا، ولكنْ أمرُنا كان ماضِيا!

عَلَيْكَ مِنَ اللهِ السّلامُ تَحِيّةً، … وَأُدخِلْتَ جَنَّاتٍ من العَدْنِ رَاضِيا!

قال: وقالت عاتِكة بنت عبد المطّلب ترثى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:

عَينيّ جُودا طَوَالَ الدّهرِ وَانْهَمِرَا … سَكبًا وَسَحًّا بدَمعٍ غَيرِ تَعذيرِ!

يا عَينِ فاسحَنفِرى بالدّمعِ وَاحتَفَلى … حتى المَماتِ بسَجْلٍ غَيرِ مَنْزُورِ

يا عَينِ فانهمِلى بالدّمعِ واجتَهِدى … للمُصْطَفى، دونَ خَلقِ اللهِ، بالنورِ

بمُستَهَلٍّ من الشؤبوبِ ذى سَيَلٍ، … فقد رُزِئْتُ نبيّ العَدْلِ وَالخيرِ!

وكُنْتُ من حَذَرٍ للموْتِ مُشفقةً، … وَللّذى خُطّ من تلكَ المقَاديرِ!

مِن فقدِ أزْهَرَ ضَافى الخلق ذى فخَرٍ … صَافٍ من العَيبِ وَالعاهاتِ وَالزّورِ!

فاذهَبْ حَمِيدًا! جَزَاكَ الله مغفرةً، … يوْمَ القيامةِ، عَندَ النَّفْخِ في الصُّورِ

وقالت عاتِكة بنت عبد المطّلب (١):

يا عَينِ جودى، ما بقِيتِ، بعَبْرَةٍ … سَحًّا على خَيرِ البَرِيّةِ أحْمَدِ

يا عَينِ فاحتَفلى وَسُحّى وَاسْجُمى … وَابكى عَلى نُورِ البلاد مُحَمّدِ!

أنّى، لَكِ الوَيلاتُ! مثلُ مُحَمّدٍ … في كلّ نائِبَةٍ تَنُوبُ وَمَشْهَدِ؟

فابكى المبارَكَ والموفَّقَ ذا التّقَى، … حَامى الحقيقةِ ذا الرّشادِ المرْشِدِ

مَنْ ذا يَفُكّ عَنِ المغَلَّلِ غُلّهُ … بَعْدَ المغَيَّبِ في الضّريحِ الملحَدِ؟

أمْ مَنْ لكلّ مُدَفَّعٍ ذى حاجَةٍ، … وَمُسَلْسَلٍ يَشكو الحديدَ مُقَيَّدِ؟


(١) راجع النويري ج ١٨ ص ٤٠٥ - ٤٠٦.