أمْ مَنْ لوَحْي اللهِ يُتْرَكُ بَيْنَنَا … في كلّ مُمْسى لَيْلةٍ أوْ في غَدِ؟
فَعَلَيْكَ رَحْمةُ رَبّنَا وَسَلامُهُ، … يا ذا الفَوَاضِلِ وَالنّدَى وَالسّودَدِ!
هَلّا فَدَاكَ الموْتَ كُلُّ مُلَعَّنٍ … شَكْسٍ خلائقُهُ لَئِيمِ المَحْتِدِ؟
وقالت عاتكة بنت عبد المطّلب أيضًا:
أعَيْنيّ جُودا بالدّموعِ السّوَاجِمِ … عَلَى المصْطَفَى بالنّورِ من آل هاشمِ
عَلى المصْطَفَى بالحقّ والنّورِ والهُدى … وَبالرّشْدِ بَعدَ المندَباتِ العَظائمِ
وَسُحّا عليهِ وَابكِيا، ما بَكَيْتُما، … عَلى المرْتَضَى للمُحْكَماتِ العزَائمِ
على المرْتضى للبرّ والعَدْل والتّقَى، … وَللدّينِ والإسْلامِ بعدَ المظَالِمِ
على الطّاهرِ الميمونِ ذى الحلمِ وَالنّدى … وَذى الفَضْلِ وَالدّاعى لخيرِ التراحُمِ
أعَيْنَيّ ماذا، بَعدمَا قد فُجِعْتُمَا … بهِ، تَبكيَانِ الدّهرَ من وُلدِ آدمِ؟
فَجُودا بسَجْلٍ وانْدُبا كلّ شارِقٍ … رَبيعَ اليَتَامَى في السّنينَ البَوَازِمِ!
قال: وقالت صَفِيّة بنت عبد المطّلب ترثى رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:
لَهْفَ نَفْسى! وَبتُّ كالمَسْلُوبِ … آرَقُ اللّيْلَ فِعْلَةَ المَحْرُوبِ!
منْ هُمُومٍ وَحَسْرَةٍ رَدَفَتْنى، … لَيتَ أنّى سُقيتُها بشَعُوبِ!
حينَ قالوا: إنّ الرّسولَ قَدَ امْسَى … وَافَقَتْهُ مَنِيّةُ المكْتُوبِ!
إذْ رأيْنَا أنّ النّبيّ صَريعٌ … فَأشَابَ القَذَالَ أيّ مَشيبِ
إذْ رَأيْنَا بيُوتَهُ مُوحِشَاتٍ، … لَيْسَ فِيهِنّ بَعْدَ عَيشٍ حَبيبى
أوْرَثَ القَلْبَ ذاكَ حُزْنًا طَويلًا، … خالَطَ القَلْبَ، فهْوَ كالمَرْعوبِ
ليتَ شِعرى! وكيفَ أُمْسى صَحِيحًا … بَعْدَ أنْ بِينَ بالرّسولِ القَريبِ؟
أعْظَمِ النّاسِ فما البَرِيّةِ حَقًّا، … سَيّدِ النّاسِ حُبُّهُ في القُلُوبِ
فَإلى اللهِ ذَاكَ أشْكُو! وَحَسْبى، … يَعْلَمُ اللهُ حَوْبَتى وَنَحِيبى!
وقالت صفيّة بنت عبد المطلّب (١):
أفَاطِمَ بَكّى وَلا تَسْأمِى … بصُبْحِكِ، مَا طَلَعَ الكَوْكَبُ!
(١) راجع الأبيات لدى النويري ج ١٨ ص ٤٠٤.