كان أعلمَ بما سَبقه من حديث رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، منه ولا أعلمَ بقضاء أبى بكر وعمر وعثمان مِنْه، ولا أفْقَهَ في رأىٍ مِنْه، ولا أعلَمَ بِشِعْرٍ ولا عربيّة ولا بتفسير القرآن ولا بحسابٍ ولا بفريضةٍ مِنْه، ولا أعلمَ بما مضَى وَلَا أَثْقَب (١) رأيًا فيما احتيج إليه منه، ولقَدْ كانَ يجلسُ يومًا ما يذكر فيه إلّا الفقهَ ويومًا التأويلَ ويومًا المغازي ويومًا الشعر ويومًا أيّام العرب، وما رأيتُ عالمًا قطّ جَلَسَ إليه إلّا خَضَعَ له وما رأيت سائلًا قطّ سأله إلّا وجد عنده عِلْمًا.
أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني داود بن جُبير قال: سمعتُ ابنَ المسيّب يقول: ابنُ عبّاس أعلمُ النّاسِ!
أخبرنا محمّد بن عمر أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرة عن موسى بن سعد عن عامر بن سعد بن أبي وقّاص قال: سمعتُ أبى يقول ما رأيتُ أحدًا أحضرَ فَهْمًا ولا ألبّ لُبًّا ولا أكثرَ علمًا ولا أوسعَ حلمًا من ابن عبّاس! ولقد رأيتُ عمر بن الخطّاب يدعوه للمُعْضلات ثمّ يقول عندك قد جاءتك معضلةٌ، ثمّ لا نجاوز قوله وإن حوله لأهلَ بدر من المهاجرين والأنصار.
أخبرنا محمّد بن عمر، أخبرنا سليمان بن داود بن الحصين عن أبيه عن نَبْهان قال: قلتُ لأمّ سلمة زوج النّبيّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أرى الناسَ على ابن عبّاس منقصفين: فقالت أمّ سلمة: هو أعلمُ مَن بَقِىَ.
أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني واقد بن أبي ياسر عن طلحة بن عبد الله بن عبد الرّحمن بن أبي بكر عن أبيه عن عائشة: أنّها نظرَت إلى ابن عبّاس ومعه الحلَقُ ليالىَ الحَجّ هو يسأل عن المنَاسك فقالت: هو أعلمُ مَن بقى بالمناسك.
أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرة عن مروان بن أبي سعيد عن ابن عبّاس قال: دخلتُ على عمر بن الخطّاب يومًا فسألَنى عن مسألة كَتب إليه بها يعلى بن أميّة من اليَمَن وأجَبْتُه فيها، فقال عمر: أشْهَدُ أنّك تنطق بيت نُبُوّة!
(١) في الأصول "ولا أثقف" والمثبت لدى الذهبي وهو ينقل عن ابن سعد، وابن عساكر في مختصر ابن منظور.