للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فقالت: ثلاثة آلاف وقتلَ عليّ بن أبي طالب، فقال: والله ما جاءَ بي إلى هذا المصر إلّا قتلُ عليّ بن أبي طالب وقد آتيتُكِ ما سألْتِ.

ولقى عبدُ الرّحمن بن مُلجم شبيبَ بن بَجَرَة الأشجعى فأعلمه ما يريد ودعاه إلى أن يكون معه فأجابه إلى ذلك، وبات عبد الرّحمن بن ملجم تلك الليلة التي عزم فيها أن يقتل عليًّا في صبيحتها يناجى الأشعث بن قيس الكنديَّ في مسجده حتَّى كاد أن يطلع الفجر، فقال له الأشعث: فضَحَك الصّبحُ فقُمْ، فقام عبد الرّحمن بن ملجم وشبيب بن بجرة فأخذا أسيافهما ثمّ جاءا حتى جلسا مقابل السّدّة التي يخرج منها عليّ.

قال الحسن بن عليّ: وأتيته سحَرًا فجلست إليه فقال: إنى بِتّ اللّيلةَ أوقظ أهلى فَمَلَكَتنى عيناى وأنا جالس فسنَحَ لي رسول الله فقلت: يا رسول الله ما لقيتُ من أُمّتِكَ من الأوَد واللَّدَد (١)، فقال لي: ادْعُ الله عليهم، فقلت اللهمّ أبْدِلْنى بهم خيرًا لي منهم وأبدلهم شرًّا لهم منى. ودخل ابن النّبّاح المؤذّنُ على ذلك فقال: الصّلاة، فأخذت بيده فقام يمشى وابن النّبّاح بين يديه وأنا خلفه، فلمّا خرج من الباب نادى: أيّها النّاسُ الصّلاةَ الصّلاةَ، كذلك كان يفعل في كلّ يوم يخرج ومعه درّتُهُ يوقِظُ النّاسَ، فاعترضه الرّجلان، فقال بعض من حضر ذلك: فرأيت بريق السيف وسمعتُ قائلًا يقول: لله الحُكْمُ يا عليّ لا لَكَ! ثمّ رأيتُ سيفًا ثانيًا فضربا جميعًا فأمّا سيف عبد الرّحمن بن ملجم فأصاب جبهته إلى قَرْنه ووصل إلى دماغه، وأمّا سيف شبيب فوقع في الطّاق، وسمعتُ عليًّا يقول: لا يفوتنّكم الرجلُ، وشدّ الناّسُ عليهما من كلّ جانب.

فأمّا شبيب فأفلت، وأُخِذَ عبدُ الرّحمن بن ملجم فأُدخل على عليّ، فقال: أطيبوا طعامه وألينوا فراشه فإن أعِشْ فأنا وَلِيُّ دَمِى، عفوٌ أو قصاص (٢) وإنْ أمُتْ فألحِقُوه بي أُخاصمه عند ربّ العالمين. فقالت أمّ كلثوم بنت عليّ: يا عدوّ الله


(١) الأَوَد: العِوَج. واللَّدَد: الخصومة الشديدة (النهاية).
(٢) كذا في ت، ث. ومثله لدى ابن عساكر في مختصر تاريخ دمشق لابن منظور ج ١٨ ص ٩٢ وهو ينقل عن ابن سعد. وابن الأثير في أسد الغابة ج ٤ ص ١٢٠. وفى ل "فأنا أولى بدمى عفوًا وَقصاصا" وقد تحرفت "بدمى" إلى "بدمه" في طبعة التحرير وإحسان وعطا.