للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وشاوَرَ معهما سعيد بن زيد أبا الأعور وأُسَيْدَ بن الحُضَير وغيرهما من المهاجرين والأنصار فقال أُسَيْدٌ: اللهمّ أعْلَمُه الخِيَرَةَ (١) بعدك يَرْضى للرّضى ويَسْخَطُ للسّخْطِ، الذي يُسِرّ خيرٌ من الّذى يُعلنُ، ولم يَلِ هذا الأمر أحَدٌ أقوى عليه منه. وسَمعَ بعضُ أصحاب النّبيّ، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، بدخول عبد الرّحمن وعثمان على أبى بكر وخَلْوَتِهِما به فدخلوا على أبى بكر فقال له قائلٌ منهم: ما أنت قائلٌ لربّك إذا سألك عن استخلافك عُمَرَ علينا (٢) وقد تَرى غِلْظَتَه؟ فقال أبو بكر: أجْلِسونى، أبالله تُخَوفوني؟ خابَ مَنْ تَزَوّدَ من أمركم بظُلم، أقولُ اللهمّ استخلفتُ عليهم خير أهلك، أبْلِغ ما قلت لك مَنْ وَرَاءَك (٣).

ثمّ اضطجع ودعا عثمان بن عفّان فقال: اكتب بسم الله الرّحمن الرّحيم، هذا ما عَهِدَ أبو بكر بن أبي قُحافة في آخر عهده بالدنيا خارجًا منها وعند أوّل عهده بالآخرة داخلًا فيها حيث يؤمن الكافر ويوقن الفاجر ويَصْدُقُ الكاذب، إنى استخلفتُ عليكم بعدى عمر بن الخطّاب فاسمَعوا له وأطيعوا، وإنى لم آلُ الله ورسولَه ودينَه ونفسى وإيّاكم إلّا خيرًا (٤)، فإنْ عَدَل فذلك ظَنّى به وعلمى فيه، وإنْ بدّل فلكلّ امرئ ما اكتَسَبَ من الإثم، والخير أردتُ ولا أعلم الغَيْبَ، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [سورة الشعراء: ٢٢٧]، والسّلامُ عليكم ورحمةُ الله. ثمّ أمر بالكتاب فختمه (٥).

ثمّ قال بعضهم لمّا أمْلى أبو بكر صدرَ هذا الكتاب: بَقىَ ذكرُ عُمَرَ


(١) في متن ل "الخَيْرَة" وبهامشها: الشيخ محمد عبده "الخيرَة" وقد آثرت قراءة الشيخ اعتمادا على روايتى ت، ث حيث ضبطت الخاء فيهما بالكسر ضبط قلم. وفى طبعتى إحسان وعطا "الخَيْرَة".
(٢) في متن ل "عن استخلافك عمر لعمر علينا" وبهامشها: ربما كانت (لعمر) هنا خطأ.
والمثبت هنا رواية ت، ث. ومثله لدى ابن شبة وابن الجوزى وهما ينقلان عن ابن سعد وكذلك أورده الذهبي في عهد الخلفاء الراشدين ص ١١٦.
(٣) الذهبي ص ١١٦
(٤) ل، ت، ث "وإياكم خيرا" والمثبت من مناقب عمر لابن الجوزى وتاريخ المدينة لابن شبة. وهما ينقلان عن ابن سعد.
(٥) الذهبي ص ١١٦.