للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَتْلَفَ بَيْضَ صَيْدٍ، أَوْ نَقَلَهُ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، فَفَسَدَ، فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ بِقِيمَتِهِ، وَلَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

كُلُوا، فَقَالُوا: أَلَا تَأْكُلُ أَنْتَ، فَقَالَ: إِنِّي لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ إِنَّمَا صِيدَ لِأَجْلِي. رَوَاهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَفِي " الِانْتِصَارِ " احْتِمَالٌ بِجَوَازِهِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَا حُرِّمَ عَلَى الْمُحْرِمِ لِكَوْنِهِ دَلَّ عَلَيْهِ أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ أَوْ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ، لَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَلَالِ أَكْلُهُ، صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ لِحَدِيثِ الصَّعْبِ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَى مُحْرِمٍ آخَرَ فِي الْأَشْهَرِ، (وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأَكْلُ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ «كُلُوهُ هُوَ حَلَالٌ» ، وَأَفْتَى بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَقَالَ عُمَرُ لَهُ: لَوْ أَفْتَيْتَهُمْ بِغَيْرِهِ لَأَوْجَعْتُكَ. رَوَاهُ مَالِكٌ. وَعَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ عَبَّاسٍ: يَحْرُمُ لِخَبَرِ الصَّعْبِ، وَكَمَا لَوْ دَلَّ عَلَيْهِ، وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ، وَمَا سَبَقَ أَخَصُّ، وَالْجَمْعُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إِنَّمَا تَرَكَ الْأَكْلَ مِنْ حَدِيثِ الصَّعْبِ؛ لِعِلْمِهِ أَوْ ظَنِّهِ أَنَّهُ صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ.

١ -

(وَإِنْ أَتْلَفْ بَيْضَ صَيْدٍ أَوْ نَقَلَهُ إِلَى مَوْضِعٍ آخَرَ فَفَسَدَ فَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ) لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «فِي بَيْضِ النَّعَامِ ثَمَنُهُ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَلِأَنَّهُ تَسَبَّبَ إِلَى إِتْلَافِهِ بِالنَّقْلِ فَوَجَبَ ضَمَانُهُ كَالْمُبَاشِرَةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا صَحَّ، وَخَرَجَ لَا ضَمَانَ فِيهِ، لَكِنْ لَوْ بَاضَ عَلَى فِرَاشِهِ، فَنَقَلَهُ بِرِفْقٍ فَفَسَدَ، فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى الْجَرَادِ إِذَا انْفَرَشَ فِي طَرِيقِهِ. وَظَاهِرُهُ وُجُوبُ الضَّمَانِ (بِقِيمَتِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ، فَكَأَنَّهُ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فِي بَيْضِ النَّعَامِ قِيمَتُهُ، وَلِأَنَّهُ إِذَا وَجَبَ فِي بَيْضِ النَّعَامِ قِيمَتُهُ مَعَ أَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْبَيْضَ لَا مِثْلَ لَهُ فَتَجِبُ فِيهِ الْقَيِّمَةُ كَصِغَارِ الطَّيْرِ، وَإِطْلَاقُ الثَّمَنِ فِي الْخَبَرِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، إِذْ غَالِبُ الْأَشْيَاءِ تَعْدِلُ ثَمَنَهَا، وَهَذَا إِذَا كَانَ لَهُ قِيمَةٌ، فَإِنْ كَانَ هَدْرًا، فَلَا شَيْءَ فِيهِ.

قَالَ الْأَصْحَابُ: إِلَّا بَيْضَ النَّعَامِ فَإِنَّ لِقِشْرِهِ قِيمَةٌ، وَصَحَّحَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَيَوَانٌ حَالًا أَوْ مَآلًا؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْأَحْجَارِ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ مَا لَوْ كَسَرَهَا بَعْدَ أَنْ ثَبَتَتْ، وَخَرَجَ مِنْهَا دَمٌ أَوْ خَرَجَ مِنْهَا فَرْخٌ حَيٌّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>