للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَمْلِكُ الصَّيْدَ بِغَيْرِ الْإِرْثِ، وَقِيلَ: لَا يَمْلِكُهُ بِهِ أَيْضًا، وَإِنْ أَمْسَكَ صَيْدًا حَتَّى تَحَلَّلَ، ثُمَّ تَلِفَ أَوْ ذَبَحَهُ، ضَمِنَهُ، وَكَانَ مَيْتَةً. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَهُ أَكْلُهُ، وَإِنْ أَحْرَمَ، وَفِي يَدِهِ صَيْدٌ، أَوْ دَخَلَ الْحَرَمَ بِصَيْدٍ، لَزِمَهُ إِزَالَةُ يَدِهِ الْمُشَاهَدَةِ عَنْهُ،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَضْمَنَهُ إِلَّا أَنْ يَحْفَظَهُ إِلَى أَنْ يَنْهَضَ وَيَطِيرَ، وَيُحْتَمَلُ عَدَمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ كَمَا لَوْ أَمْسَكَ طَائِرًا أَعْرَجَ، ثُمَّ تَرَكَهُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَ خُرُوجِهِ، فَفِيهِ مَا فِي صِغَارِ أَوْلَادِ الْمُتْلَفِ بَيْضُهُ، (وَلَا يَمْلِكُ الصَّيْدَ) ابْتِدَاءً (بِغَيْرِ الْإِرْثِ) وِفَاقًا لِخَبَرِ الصَّعْبِ السَّابِقِ فَلَيْسَ مَحَلًّا لِلتَّمْلِيكِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُ عَلَيْهِ كَالْخَمْرِ، فَلَوْ قَبَضَهُ مُشْتَرٍ، ثُمَّ تَلِفَ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ وَقِيمَتُهُ لِمَالِكِهِ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " لَا شَيْءَ لِوَاهِبٍ، وَإِنْ قَبَضَهُ رِضًا فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ فَقَطْ، وَعَلَيْهِ رَدُّهُ، وَإِنْ أَرْسَلَهُ، ضَمِنَهُ لِمَالِكِهِ، وَلَا جَزَاءَ، وَيَرُدُّ الْمَبِيعَ، وَقِيلَ: يُرْسِلُهُ لِئَلَّا يُثْبِتَ مُدَّةَ الْمُشَاهِدَةِ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ مُتَّهِبُهُ، وَصَرِيحُهُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالْإِرْثِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْ غَيْرِهِ، وَلَا فِعْلَ مِنْهُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَيَمْلِكُ بِهِ الْكَافِرُ فَجَرَى مَجْرَى الِاسْتِدَامَةِ، (وَقِيلَ: لَا يَمْلِكُهُ بِهِ) أَيْضًا لِمَا قُلْنَاهُ فَهُوَ كَغَيْرِهِ فَعَلَى هَذَا هُوَ أَحَقُّ بِهِ فَيَمْلِكُهُ إِذَا حَلَّ، وَفِي " الرِّعَايَةِ " يَمْلِكُهُ بِشِرَاءٍ، وَاتِّهَابٍ.

(وَإِنْ أَمْسَكَ صَيْدًا حَتَّى تَحَلَّلَ، ثُمَّ تَلِفَ أَوْ ذَبَحَهُ ضَمِنَهُ) ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِسَبَبٍ كَانَ فِي إِحْرَامِهِ فَضَمِنَهُ كَمَا لَوْ جَرَحَهُ، فَمَاتَ بَعْدَ حِلِّهِ. وَلَمْ يَتَكَرَّرِ الضَّمَانُ بِأَكْلِهِ إِذَا ذَبَحَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ لِقَتْلِهِ لَا لِأَكْلِهِ لِكَوْنِهِ مَضْمُونًا بِالْجَزَاءِ، فَلَا يَتَكَرَّرُ كَإِتْلَافِهِ بِغَيْرِ أَكْلِهِ، وَلِهَذَا لَا يَضْمَنُهُ مُحْرِمٌ آخَرُ، (وَكَانَ مَيْتَةً) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَيْدٌ يَلْزَمُهُ ضمانه فَلَمْ يَبُحْ بِذَبْحِهِ كَحَالَةِ الْإِحْرَامِ (وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَهُ أَكَلُهُ) وَعَلَيْهِ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ ذَبَحَهُ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ صَادَهُ بَعْدَ حِلِّهِ فَأُبِيحَ لَهُ كَغَيْرِهِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لَأَنَّ هَذَا يَلْزَمُهُ ضمانه بِخِلَافِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ، (وَإِنْ أَحْرَمَ، وَفِي يَدِهِ) أَيْ: مِلْكِهِ (صَيْدٌ أَوْ دَخَلَ الْحَرَمَ بِصَيْدٍ لَزِمَهُ إِزَالَةُ يَدِهِ الْمُشَاهَدَةِ عَنْهُ) كَمَا لَوْ كَانَ فِي رَحْلِهِ أَوْ خَيْمَتِهِ أَوْ قَفَصِهِ، وَيَلْزَمُهُ إِرْسَالُهُ؛ لَأَنَّ فِي عَدَمِ إِزَالَةِ يَدِهِ الْمُشَاهَدَةِ إِمْسَاكًا لِلصَّيْدِ، فَلَمْ يَجُزْ كَحَالَةِ الِابْتِدَاءِ بِدَلِيلِ الْيَمِينِ، وَمِلْكُهُ بَاقٍ عَلَيْهِ فَرَدَّهُ مَنْ أَخَذَهُ، وَيَضْمَنُهُ مَنْ قَتَلَهُ، وَلَا يَصِحُّ نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهِ (دُونَ الْحُكْمِيَّةِ) كَمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>