للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَاسِدِهِ وَالْقَضَاءُ عَلَى الْفَوْرِ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَا أَوَّلًا، وَنَفَقَةُ الْمَرْأَةِ فِي الْقَضَاءِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الصَّحَابَةِ قَضَوْا بِفَسَادِ الْحَجِّ، وَلَمْ يَسْتَفْصِلُوا، وَلَوِ اخْتَلَفَ الْحَالُ لَوَجَبَ الْبَيَانُ، وَلِأَنَّهُ سَبَبٌ يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الْقَضَاءِ فَاسْتَوَيَا كَالْفَوَاتِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ تَرْكُ رُكْنٍ فَأُفْسِدَ، وَالْوَطْءُ فِعْلٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَالْجَاهِلُ بِالتَّحْرِيمِ، وَالْمُكْرَهُ كَالنَّاسِي. وَفِي " الْفُصُولِ " رِوَايَةٌ " لَا يُفْسِدُ " اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُتَّجَهٌ قَالَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَالْمَذْهَبُ: أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُطَاوِعَةَ كَالرَّجُلِ لِوُجُودِ الْجِمَاعِ مِنْهُمَا، بِدَلِيلِ الْحَدِّ، وَعَنْهُ: يُجْزِئُهُمَا هَدْيٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ جِمَاعٌ وَاحِدٌ، وَعَنْهُ: لَا فِدْيَةَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا وَطْءَ مِنْهَا، ذَكَرَ جَمَاعَةٌ كَالصَّوْمِ، وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ لَا فِدْيَةَ عَلَى مُكْرَهَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، كَالصَّوْمِ (وَعَلَيْهِمَا الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ) وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَحُكْمُهُ كَإِحْرَامٍ صَحِيحٍ نَقَلَهُ الْجُمْهُورُ، وَذَكَرَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَنْ جَمَاعَةِ الْفُقَهَاءِ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا أَنَّهُ أَمَرَ الْمُجَامِعَ بِذَلِكَ، وَلِأَنَّهُ مَعْنَى يَجِبُ بِهِ الْقَضَاءُ فَلَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْهُ كَالْفَوَاتِ، وَنَقَلَ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ يَعْتَمِرُ مِنَ التَّنْعِيمِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَجْعَلُ الْحَجَّ عُمْرَةً، (وَ) يَلْزَمُهُمَا (الْقَضَاءُ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، لِمَا رَوَى ابْنُ وَهْبٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ «أَنَّ رَجُلًا جَامَعَ امْرَأَتَهُ، وَهُمَا مُحْرِمَانِ فَسَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُمَا: أَتِمَّا حَجَّكُمَا ثُمَّ ارْجِعَا وَعَلَيْكُمَا حَجَّةٌ أُخْرَى قَابِلَ حَتَّى إِذَا كُنْتُمَا فِي الْمَكَانِ الَّذِي أَصَبْتَهَا فَأَحْرِمَا وَتَفَرَّقَا وَلَا يُؤَاكِلْ وَاحِدٌ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ، ثُمَّ أَتِمَّا مَنَاسِكَكُمَا وَأَهْدِيَا» وَرِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ لَهِيعَةَ صَحِيحَةٌ عِنْدَ جَمَاعَةٍ وَهَذَا مِنْهَا، وَرَوَى سَعِيدٌ وَالْأَثْرَمُ عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ مَعْنَاهُ، وَلَا فَرْقَ فِي الَّذِي أَفْسَدَهَا أَنْ تَكُونَ فَرْضًا بِأَصْلِ الشَّرْعِ أَوِ النَّذْرِ أَوْ قَضَاءً، لَكِنْ إِذَا أَفْسَدَهُ، فَإِنَّهُ يَقْضِي الْوَاجِبَ، لَا الْقَضَاءَ كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ، وَيَلْزَمُهُ قَضَاءُ النَّفْلِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّهُ لَزِمَ بِالدُّخُولِ فِيهِ، وَعَنْهُ: لَا قَضَاءَ فِيهِ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ هُوَ (عَلَى الْفَوْرِ) لِتَعَيُّنِهِ بِالدُّخُولِ فِيهِ (مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَا أَوَّلًا) أَيْ: يَلْزَمُ الْإِحْرَامُ بِالْقَضَاءِ مِنْ أَبْعَدِ الْمَوْضِعَيْنِ الْمِيقَاتِ أَوْ إِحْرَامِهِ الْأَوَّلِ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمِيقَاتُ أَبْعَدَ لَمْ يَجُزْ لَهُ تَجَاوُزُهُ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ، وَإِنْ كَانَ مَوْضِعُ إِحْرَامِهِ أَبْعَدَ لَزِمَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَحْكِي الْأَدَاءَ، وَإِلَّا لَزِمَهُمَا مِنَ الْمِيقَاتِ نصا، (وَنَفَقَةُ الْمَرْأَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَيْهَا إِنْ طَاوَعَتْ) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>