عَلَيْهَا إِنْ طَاوَعَتْ، وَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً فَعَلَى الزَّوْجِ، وَيَتَفَرَّقَانِ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَصَابَهَا فِيهِ إِلَى أَنْ يُحِلَّا. وَهَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَإِنْ جَامَعَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ وَيَمْضِي إِلَى التَّنْعِيمِ فَيُحْرِمُ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَأَهْدِيَا هَدْيًا أَضَافَ الْفِعْلَ إِلَيْهِمَا، وَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَهْدِ نَاقَةً، وَلْتَهْدِ نَاقَةً. وَلِأَنَّهَا بِمُطَاوَعَتِهَا أَفْسَدَتْ نُسُكَهَا فَكَانَتِ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا كَالرَّجُلِ، (وَإِنْ كَانَتْ مُكْرَهَةً فَعَلَى الزَّوْجِ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُفْسِدُ لِنُسُكِهَا فَكَانَتْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهَا كَنَفَقَةِ نُسُكِهِ (وَيَتَفَرَّقَانِ) فِي الْقَضَاءِ (مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَصَابَهَا فِيهِ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ لِمَا سَلَفَ، وَعَنْهُ: مِنْ حَيْثُ يُحْرِمَانِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: وَيَتَفَرَّقَانِ مِنْ حَيْثُ يُحْرِمَانِ، وَلَا يَجْتَمِعَانِ حَتَّى يَقْضِيَا حَجَّهُمَا (إِلَى أَنْ يُحِلَّا) ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ خَوْفُ الْمَحْظُورِ فَجَمِيعُ الْإِحْرَامِ سَوَاءٌ، وَمُرَادُهُ بِالتَّفْرِيقِ: أَنْ لَا يَرْكَبَ مَعَهَا فِي مَحْمَلٍ، وَلَا يَنْزِلُ مَعَهَا فِي فُسْطَاطٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، لَكِنْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفِ: أَنَّهُ يَكُونُ بِقُرْبِهَا يُرَاعِي حَالَهَا؛ لِأَنَّهُ مَحْرَمُهَا فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَحْرَمُهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا مَحْرَمٌ غَيْرُهُ، (وَهَلْ هُوَ وَاجِبٌ أَوْ مُسْتَحَبٌّ عَلَى وَجْهَيْنِ) الْمَذْهَبُ: أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا ذَكَرَ إِذَا بَلَغَ الْمَوْضِعَ فَسَوَّقَ نَفْسَهُ فَوَاقَعَ الْمَحْذُورَ وَهَذَا وَهْمٌ لَا يَقْتَضِي الْوُجُوبَ، وَلَمْ يَتَفَرَّقَا فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ إِذَا أَفْسَدَاهُ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ أَبْلَغُ فِي مَنْعِ الدَّاعِي لِمَنْعِهِ مُقَدِّمَاتِ الْجِمَاعِ، وَالطِّيبِ، بِخِلَافِ الصَّوْمِ.
وَالثَّانِي: يَجِبُ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ ذَكَرَهُ حُكْمًا لِلْمُجَامِعِ فَكَانَ، وَاجِبًا كَالْقَضَاءِ.
تَنْبِيهٌ: الْعُمْرَةُ كَالْحَجِّ؛ لِأَنَّهَا أَحَدُ النُّسُكَيْنِ كَالْآخَرِ، فَإِنْ كَانَ مَكِّيًّا، أَوْ مُجَاوِرًا بِهَا، أَحْرَمَ لِلْقَضَاءِ مِنَ الْحِلِّ؛ لِأَنَّهُ مِيقَاتُهَا سَوَاءٌ أَحَرَمَ بِهَا مِنْهُ، أَوْ مِنَ الْحَرَمِ، وَإِنْ أَفَسَدَ الْمُتَمَتِّعُ عُمْرَتَهُ، وَمَضَى فِيهَا فَأَتَمَّهَا قَالَ أَحْمَدُ: يَخْرُجُ مِنَ الْمِيقَاتِ فَيُحْرِمُ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ، فَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْحَجِّ أَحْرَمَ بِهِ مِنْ مَكَّةَ، وَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِهِ الْمِيقَاتَ، فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ، أَحْرَمَ مِنَ الْمِيقَاتِ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ الَّتِي أَفْسَدَهَا، وَعَلَيْهِ دَمٌ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ؛ لِمَا أَفْسَدَ مِنْ عُمْرَتِهِ.
(وَإِنْ جَامَعَ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ) أَيْ: بَعْدَ زَمَنِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ (لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ) فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute