للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِيَطُوفَ وَهُوَ مُحْرِمٌ. وَهَلْ يَلْزَمُهُ بَدَنَةٌ أَوْ شَاةٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْحَجُّ عَرَفَةُ» وَلِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رَجُلٍ أَصَابَ أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يُفِيضَ يَوْمَ النَّحْرِ: يَنْحَرَانِ جَزُورًا بَيْنَهُمَا، وَلَيْسَ عَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ. رَوَاهُ مَالِكٌ، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ، وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لَهَا تَحَلُّلَانِ، فَوُجُودُ الْمُفْسِدِ بَعْدَ أَوَّلِهِمَا لَا يُفْسِدُهَا، كَمَا بَعْدَ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى مِنَ الصَّلَاةِ، وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ يَفْسُدُ كَالْأَوَّلِ إِنْ بَقِيَ إِحْرَامُهُ، وَفَسَدَ بِوَطْئِهِ، وَقَوْلِهِ فِي " التَّنْبِيهِ ": مَنْ وَطِئَ مِنَ الْحَجِّ قَبْلَ الطَّوَافِ، فَسَدَ حَجُّهُ، مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ التَّحَلُّلِ، فَإِنْ طَافَ لِلزِّيَارَةِ، وَلَمْ يَرْمِ، فَذَكَرَ فِي " الشَّرْحِ " وَقَدَّمَهُ غَيْرُهُ: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْحَجَّ قَدْ تَمَّتْ أَرْكَانُهُ كُلُّهَا. وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ خِلَافُهُ، لِوُجُودِهِ قَبْلَ مَا يَتِمُّ بِهِ التَّحَلُّلُ، (وَيَمْضِي إِلَى التَّنْعِيمِ) وَهُوَ مِنَ الْحِلِّ بَيْنَ مَكَّةَ، وَسَرِفَ عَلَى فَرْسَخَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، وَسُمِّي بِهِ؛ لِأَنَّ جَبَلًا عَنْ يَمِينِهِ اسْمُهُ نُعَيْمٌ، وَآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ اسْمُهُ نَاعِمٌ، وَالْوَادِي نَعْمَانُ بِفَتْحِ النُّونِ (فَيُحْرِمَ لِيَطُوفَ) ؛ لِأَنَّ إِحْرَامَهُ قَدْ فَسَدَ بِالْوَطْءِ فَلَزِمَهُ الْإِحْرَامُ مِنَ الْحِلِّ؛ لِيَقَعَ طَوَافُ الزِّيَارَةِ فِي إِحْرَامٍ صَحِيحٍ، وَلَيْسَ الْإِحْرَامُ مِنَ التَّنْعِيمِ شَرْطًا فِيهِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنْ يُحْرِمَ مِنَ الْحِلِّ لِيَجْمَعَ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَامِ، وَلَكِنَّ الْمُؤَلِّفَ تَبِعَ الْخِرَقِيَّ، وَهُوَ لِلْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ الْحِلِّ إِلَى مَكَّةَ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُ الطَّوَافِ إِذَا كَانَ قَدْ سَعَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَعي طَافَ لِلزِّيَارَةِ وَسَعَى وَتَحَلَّلَ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ إِنَّمَا وَجَبَ لِيَأْتِيَ بِمَا بَقِيَ مِنَ الْحَجِّ.

هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْهُمُ الْخِرَقِيُّ فَقَوْلُ أَحْمَدَ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنَ الْأَئِمَّةِ: إِنَّهُ يَعْتَمِرُ، يَحْتَمِلُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا هَذَا وَسَمَّوْهُ عُمْرَةً؛ لِأَنَّ هَذِهِ أَفْعَالُهَا، وَصَحَّحَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ". وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُمْ أَرَادُوا عُمْرَةً حَقِيقةً فَيَلْزَمُهُ سَعْيٌ وَيُقَصِّرُ وَعَلَى هَذَا نُصُوصُ أَحْمَدَ، وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ، لِمَا سَبَقَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلِأَنَّهُ إِحْرَامٌ مُسْتَأْنَفٌ فَكَانَ فِيهِ طَوَافٌ، وَسَعْيٌ، وَتَقْصِيرٌ كَالْعُمْرَةِ تَجْرِي مَجْرَى الْحَجِّ، بِدَلِيلِ الْقِرَانِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ مُحْرِمٌ أَيْ: أَنَّهُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ مُحْرِمٌ، وَذَكَرَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>