للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُخْطِئًا، فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ. وَعَنْهُ فِي الصَّيْدِ: لَا كَفَّارَةَ إِلَّا فِي الْعَمْدِ وَيَتَخَرَّجُ فِي الْحَلْقِ مِثْلُهُ. وَإِنْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ أَوْ غَطَّى رَأْسَهُ نَاسِيًا، فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ، وَعَنْهُ: عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ؛ لِأَنَّهُ إِتْلَافٌ فَاسْتَوَى عَمْدُهُ، وَسَهْوُهُ كَإِتْلَافِ مَالِ الْآدَمِيِّ، وَلِأَنَّ اللَّهَ أَوْجَبَ الْفِدْيَةَ عَلَى مَنْ حَلَقَ لِأَذًى بِهِ، وَهُوَ مَعْذُورٌ، فَدَلَّ عَلَى وُجُوبِهَا عَلَى مَعْذُورٍ بِنَوْعٍ آخَرَ، وَقَالَ الزُّهْرِيُّ: تَجِبُ الْفِدْيَةُ عَلَى مَنْ قَتَلَ الصَّيْدَ مُتَعَمِّدًا بِالْكِتَابِ، وَمُخْطِئًا بِالسُّنَّةِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَنْبَأَنَا سَعِيدٌ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قُلْتُ لِعَطَاءٍ: فَمَنْ قَتَلَهُ خَطَأً أَيَغْرَمُ؟ قَالَ: نَعَمْ يُعَظِّمُ بِذَلِكَ حُرُمَاتِ اللَّهِ، وَمَضَتْ بِهِ السُّنَنُ.

وَقَالَ عُمَرُ: لِيَحْكُمْ عَلَيْهِ فِي الْخَطَأِ، وَالْعَمْدِ. رَوَاهُ النَّجَّادُ.

(وَعَنْهُ: فِي الصَّيْدِ: لَا كَفَّارَةَ إِلَّا فِي الْعَمْدِ) وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَاخْتَارَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْزِيُّ لِظَاهِرِ الْآيَةِ، وَلِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَلَا يَشْغَلُهَا إِلَّا بِدَلِيلٍ وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْجَبَ فِيهِ الْجَزَاءَ، وَفِي بَيْضِهِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ.

وَأَجَابَ الْقَاضِي عَنِ الْآيَةِ بِأَنَّهَا حُجَّةٌ لَنَا مِنْ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّ مَنْ نَسِيَ الْإِحْرَامَ فَقَتَلَ الصَّيْدَ مُتَعَمِّدًا، لَزِمَهُ الْجَزَاءُ، وَعِنْدَهُمْ لَا يَلْزَمُهُ، وَخَصَّ الْعَمْدَ بِالذِّكْرِ لِأَجْلِ الْوَعِيدِ فِي آخِرِهَا، وَلِأَنَّ مَا سَبَقَ أَخَصُّ، وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِيهِ، وَحُكِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَالْحَسَنِ يَجِبُ الْجَزَاءُ فِي الْخَطَأِ، وَالنِّسْيَانِ دُونَ الْعَمْدِ، وَهُوَ غَرِيبٌ.

(وَيَتَخَرَّجُ فِي الْحَلْقِ مِثْلُهُ) هَذَا وَجْهٌ، وَهُوَ رِوَايَةٌ مُخَرَّجَةٌ مِنْ قَتْلِ الصَّيْدِ، أَيْ: لَا تَجُبِ الْكَفَّارَةُ إِلَّا فِي الْعَمْدِ لِعُمُومِ " إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ "، وَلِأَنَّهُ مُحْرِمٌ بِسَبَبٍ فِي إِحْرَامِهِ أَشْبَهَ الصَّيْدَ، وَقَصَرَ الْمُؤَلِّفُ التَّخْرِيجَ فِي الْحَلْقِ وَحْدَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلِ الثَّانِي مِثْلُهُ.

فَرْعٌ: الْمُكْرَهُ عِنْدَنَا كَالْمُخْطِئِ، وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الْمُكْرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، (وَإِنْ لَبِسَ أَوْ تَطَيَّبَ أَوْ غَطَّى رَأْسَهُ نَاسِيًا) أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُكْرَهًا، (فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ) ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لِمَا رَوَى ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: «إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» قَالَ: عَبْدُ الْحَقِّ الْإِشْبِيلِيُّ رَوَيْتُهُ بِالْإِسْنَادِ الْمُتَّصِلِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ. . . . . . وَذَكَرَهُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>