للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنْ جَرَحَهُ، فَغَابَ وَلَمْ يَعْلَمْ خَبَرَهُ، فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ وَكَذَلِكَ إِنْ وَجَدَهُ مَيِّتًا وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْتَهُ بِجِنَايَتِهِ. وَإِنِ انْدَمَلَ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ فَعَلَيْهِ جَزَاءُ جَمِيعِهِ، وَإِنْ نَتَفَ رِيشَهُ فَعَادَ، فَلَا

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَلَوِ اعْتَبَرَ الْمِثْلَ كَانَ الْوَاجِبُ خَمْسِينَ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَضْمَنُ بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّ مَا وَجَبَ ضَمَانُ جُمْلَتِهِ بِالْمِثْلِ، وَجَبَ فِي بَعْضِ مِثْلِهِ كَالْمَكِيلَاتِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَشَقَّةَ هنا غير ثَابِتَةٌ لِوُجُودِ الْخِيَرَةِ لَهُ فِي الْعُدُولِ عَنِ الْمِثْلِ إِلَى عِدْلِهِ مِنَ الطَّعَامِ أَوِ الصِّيَامِ فَيَنْتَفِي الْمَانِعُ.

(وَإِنْ نَفَّرَ صَيْدًا فَتَلِفَ بِشَيْءٍ ضَمِنَهُ) ؛ لِأَنَّ عُمَرَ دَخَلَ دَارَ النَّدْوَةِ فَعَلَّقَ رِدَاءَهُ فَوَقَعَ عَلَيْهِ الْحَمَامُ، فَخَرَجَتْ حَيَّةٌ فَقَتَلَتْهُ، فَسَأَلَ مَنْ مَعَهُ فَحَكَمَ عَلَيْهِ عُثْمَانُ بِشَاةٍ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَكَذَا إِنْ جَرَحَهُ فَتَحَامَلَ فَوَقَعَ فِي شَيْءٍ تَلِفَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ تَلِفَ بِسَبَبِهِ أَمَّا إِنْ نَفَّرَهُ إِلَى مَكَانٍ فَسَكَنَ بِهِ، ثُمَّ تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ فِي الْأَشْهَرِ (وَإِنْ جَرَحَهُ فَغَابَ، وَلَمْ يَعْلَمْ خَبَرَهُ فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ) إِذَا كَانَ الْجُرْحُ غَيْرَ مُوحٍ لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ حُصُولَ التَّلَفِ بِفِعْلِهِ فَنُقَوَّمَهُ صَحِيحًا، وَجَرِيحًا جِرَاحَةً غَيْرَ مُنْدَمِلَةٍ، فَيَجِبُ مَا بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ سُدْسَهُ، وَهُوَ مِثْلِيٌّ فَقِيلَ: يَجِبُ سدس مِثْلُهُ، وَقِيلَ: قِيمَةُ سُدْسِ مِثْلِهِ، وَقِيلَ: يَضْمَنُ كُلَّهُ، فَلَوْ كَانَ مُوحِيًا وَغَابَ غَيْرَ مُنْدَمِلٍ فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ كَقَتْلِهِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ فِي كُتُبِ الْخِلَافِ: إِذَا جَرَحَهُ وَغَابَ وَجَهِلَ خَبَرَهُ، فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ لِلْمَوْتِ (وَكَذَلِكَ إِنْ وَجَدَهُ مَيِّتًا، وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْتَهُ بِجِنَايَتِهِ) لِمَا ذَكَرْنَا، وَقِيلَ: يَضْمَنُ كُلَّهُ إِحَالَةً لِلْحُكْمِ عَلَى السَّبَبِ الْمَعْلُومِ كَمَا لَوْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ نَجَاسَةٌ، فَوَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا بِهَا، وَهَذَا أَقْيَسُ كَنَظَائِرِهِ، (وَإِنِ انْدَمَلَ) أَيْ: صَلُحَ (غَيْرَ مُمْتَنِعٍ فَعَلَيْهِ جَزَاءُ جَمِيعِهِ) ؛ لِأَنَّهُ عَطَّلَهُ فَصَارَ كَتَالِفٍ وَكَجُرْحٍ تَيَقَّنَ بِهِ مَوْتَهُ.

وَقِيلَ: يَضْمَنُ مَا نَقَصَ؛ لِئَلَّا يَجِبَ جَزَاءَانِ لَوْ قَتَلَهُ مُحْرِمٌ آخَرُ، فَلَوْ جَرْحَهُ جُرْحًا غَيْرَ مُوحٍ فَوَقَعَ فِي مَاءٍ، أَوْ تَرَدَّى فَمَاتَ ضَمِنَهُ كُلَّهُ لِتَلَفِهِ بِسَبَبِهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الصَّيْدَ يُضْمَنُ مِمَّا يَضْمَنُ بِهِ الْآدَمِيُّ مِنْ مُبَاشَرَةٍ، أَوْ سَبَبٍ (وَإِنْ نَتَفَ رِيشَهُ) أَوْ شَعْرَهُ أَوْ وَبَرَهُ (فَعَادَ) بِأَنْ حَفِظَهُ وَأَطْعَمَهُ، وَسَقَاهُ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ زَالَ، أَشْبَهُ مَا لَوِ

<<  <  ج: ص:  >  >>