وَلَيْسَ فِي غَيْرِ هَذَا الطَّوَافِ رَمَلٌ وَلَا اضْطِبَاعٌ، وَمَنْ طَافَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا، أَجَزْأَهُ، وَعَنْهُ: لَا يُجْزِئُهُ إِلَّا لِعُذْرٍ، وَلَا يُجْزِئُ عَنِ الْحَامِلِ وَإِنْ طَافَ مُنَكَّسًا، أَوْ عَلَى جِدَارِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
وَكَذَا إِنْ طَافَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا لِعُذْرٍ، فَلَا رَمَلَ فِيهِ، وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ يَرْمُلُ بِالْمَحْمُولِ (وَلَيْسَ فِي غَيْرِ هَذَا الطَّوَافِ رَمَلٌ وَلَا اضْطِبَاعٌ) ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَأَصْحَابَهُ إِنَّمَا فَعَلُوا ذَلِكَ فِي الطَّوَافِ الْأَوَّلِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي وَصَاحِبُ " التَّلْخِيصِ ": إِذَا تَرَكَهُمَا بِهِ، أَوْ لَمْ يَسْعَ عَقِبَ طَوَافِ الْقُدُومِ أَتَى بِهِمَا فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ أَوْ غَيْرِهِ، وَذَكَرَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ أَنَّ الرَّمَلَ وَالِاضْطِبَاعَ فِي طَوَافِ الزِّيَارَةِ، وَنَفَاهُمَا فِي طَوَافِ الْوَدَاعِ (وَمَنْ طَافَ رَاكِبًا أَوْ مَحْمُولًا أَجْزَأَهُ، وَعَنْهُ: لَا يُجْزِئُهُ إِلَّا لِعُذْرٍ) أَمَّا مَعَ الْعُذْرِ فَيُجْزِئُ بِغَيْرِ خِلَافٍ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ «طَافَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى بَعِيرٍ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنٍ» . وَعَنْ أَمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «شَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنِّي أَشْتَكِي، قَالَ: طُوفِي مِنْ وَرَاءِ النَّاسِ وَأَنْتِ رَاكِبَةٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، أَجْزَأَ فِي رِوَايَةٍ قَدَّمَهَا الْمُؤَلِّفُ وَجَزَمَ بِهَا ابْنُ حَامِدٍ، وَأَبُو بَكْرٍ مِنَ الرَّاكِبِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - أَمَرَ بِالطَّوَافِ مُطْلَقًا، وَلِطَوَافِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - رَاكِبًا، لَكِنَّ شَرْطَ صِحَّتِهِ فِي الْمَحْمُولِ بِنِيَّتِهِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الطَّوَافَ رَاجِلًا أَفْضَلُ بِغَيْرِ خِلَافٍ، وَالثَّانِيَةُ: عَدَمُ الْإِجْزَاءِ، وَهِيَ الْأَشْهَرُ، وَاخْتَارَهَا الْقَاضِي أَخِيرًا، وَالشَّرِيفُ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - شَبَّهَ الطَّوَافَ بِالصَّلَاةِ، وَهِيَ لَا تَفْعَلُ كَذَلِكَ إِلَّا لِعُذْرٍ فَكَذَا هُوَ، وَأَجَابُوا عَنْ فِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِأَنَّهُ كَانَ لِعُذْرٍ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ، أَوْ لِيَرَاهُ النَّاسُ. قَالَهُ أَحْمَدُ أَوْ لِيَشْرُفَ لِيَسْأَلُوهُ، فَإِنَّ النَّاسَ غَشَوْهُ، وَأَخَذَ جَمَاعَةٌ: أَنَّهُ لَا بَأْسَ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ لِيَرَاهُ الْجُهَّالُ، وَعَنْهُ: يَجْبُرُهُ بِدَمٍ حَكَاهَا الْمُؤَلِّفُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ. وَلَمْ أَرَهَا لِغَيْرِهِ.
(وَلَا يُجْزِئُ عَنِ الْحَامِلِ) ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ عِبَادَةٌ أُدِّيَ بِهِ فَرْضُ غَيْرِه فَلَمْ يَقَعْ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute