رَمْيَةِ حَجَرٍ. ثُمَّ يَأْخُذُ حَصَى الْجِمَارِ مِنْ طَرِيقِهِ، أَوْ مِنْ مُزْدَلِفَةَ، وَمِنْ حَيْثُ أَخَذَهُ، جَازَ، وَيَكُونُ أَكْبَرَ مِنَ الْحِمَّصِ وَدُونَ الْبُنْدُقِ، وَعَدَدُهُ سَبْعُونَ حَصَاةً، فَإِذَا وَصَلَ إِلَى مِنًى، وَحْدَهَا مِنْ وَادِي مُحَسِّرٍ إِلَى الْعَقَبَةِ بَدَأَ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
(قُبَيْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ) وَلَا خِلَافَ فِي اسْتِحْبَابِهِ، لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «وَقَالَ عُمَرُ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَيَقُولُونَ: أَشْرِقْ ثَبِيرُ، وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَالَفَهُمْ فَأَفَاضَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (فَإِذَا بَلَغَ مُحَسِّرًا) وَهُوَ وَادٍ بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى، وَسُمِّيَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْسَرُ سَالِكَهُ (أَسْرَعَ) إِنْ كَانَ رَاجِلًا أَوْ حَرَّكَ مَرْكُوبَهُ إِنْ كَانَ رَاكِبًا «لِقَوْلِ جَابِرٍ: فَلَمَّا أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ حَرَّكَ قَلِيلًا» .
قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي " الْإِمْلَاءِ ": لَعَلَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِسِعَةِ الْمَوْضِعِ، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ مَأْوَى الشَّيَاطِينِ (قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ) قَالَ الْأَصْحَابُ: وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ، وَيُلَبِّي مَعَ ذَلِكَ.
(وَيَأْخُذُ حَصَى الْجِمَارِ مِنْ طَرِيقِهِ، أَوْ مِنْ مُزْدَلِفَةَ) لِئَلَّا يَشْتَغِلَ عِنْدَ قُدُومِهِ إِلَى مِنًى بِغَيْرِ الرَّمْيِ، فَإِنَّهُ تَحِيَّةُ مِنًى، كَمَا أَنَّ الطَّوَافَ تَحِيَّةُ الْبَيْتُ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْخُذُهُ مَنْ جَمْعٍ، وَفَعَلَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَلِأَنَّهُ إِذَا أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ مِنًى كَانَ أَبْعَدُ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ رُمِيَ بِهِ (وَمِنْ حَيْثُ أَخَذَهُ جَازٌ) قَالَهُ أَحْمَدُ، وَلَا خِلَافَ فِي الْإِجْزَاءِ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِابْنِ عَبَّاسٍ غَدَاةَ الْعَقَبَةِ، وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ «الْقُطْ لِي حَصًا فَلَقَطْتُ لَهُ سَبْعَ حَصَيَاتٍ مِنْ حَصَا الْخَذَفِ، فَجَعَلَ يُنَفُضْهُنَّ فِي كَفِّهِ، وَيَقُولُ: مِثْلِ هَذَا فَارْمُوا» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَيُكْرَهُ مِنَ الْحَرَمِ، وَتَكْسِيرِهِ، وَكَذَا مِنَ الْحَشِّ قَالَهُ فِي " الْفُصُولِ " (وَيَكُونُ أَكْبَرَ مِنَ الْحِمَّصِ وَدُونَ الْبُنْدُقِ) كَحَصَى الْخَذَفِ لِقَوْلِ جَابِرٍ: كُلُّ حَصَاةٍ مِنْهَا مِثْلُ حَصَى الْخَذَفِ، (وَعَدَدُهُ سَبْعُونَ حَصَاةً) ؛ لِأَنَّهُ يَرْمِي جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ بِسَبْعٍ، وَبَاقِيهَا فِي أَيَّامِ مِنًى كُلَّ يَوْمٍ بِإِحْدَى وَعِشْرِينَ، كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعٍ، فَيَكُونُ الْمَجْمُوعُ مَا ذَكَرَهُ.
١ -
(فَإِذَا وَصَلَ إِلَى مِنًى) سُمِّيَتْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قُدِّرَ فِيهَا مَوْتُ الْهَدَايَا وَالضَّحَايَا (وَحَدُّهَا مِنْ وَادِي مُحَسِّرٍ إِلَى الْعَقَبَةِ) فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا لَيْسَا مِنَ مِنًى؛ لِأَنَّ الْحَدَّ غَيْرُ الْمَحْدُودِ، وَيُسْتَحَبُّ سُلُوكُ الطَّرِيقِ الْوُسْطَى الَّتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute