للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَصَيَاتٍ، وَاحِدَةٍ بَعْدَ وَاحِدَةٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَيَرْفَعُ يَدَهُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبِطِهِ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

يَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، لِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - (بَدَأَ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ) هِيَ آخِرُ الْجَمَرَاتِ مِمَّا يَلِي مِنًى وَأَوَّلُهَا مِمَّا يَلِي مَكَّةَ، وَهِيَ عِنْدَ الْعَقَبَةِ وَبِهَا سُمِّيَتْ فَصَارَ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَدَأَ بِهَا، وَلِأَنَّهَا تَحِيَّةٌ، فَلَمْ يَتَقَدَّمْهَا شَيْءٌ كَالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ (فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ) رَاكِبًا إِنْ كَانَ، وَالْأَكْثَرُ مَاشِيًا، نَصَّ عَلَيْهِ (وَاحِدَةٌ بَعْدَ وَاحِدَةٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَنَقَلَ حَرْبٌ: يَرْمِي ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَسَعْيًا مَشْكُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا» ؛ لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَابْنَ عُمَرَ كَانَا يَقُولَانِ ذَلِكَ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إِذَا وَضَعَهَا مِنْ غَيْرِ رَمْيٍ لَا يُجْزِئُهُ لِعَدَمِ الرَّمْيِ بَلْ لَوْ طَرَحَهَا أَجْزَأَتْ. وَظَاهِرُ " الْفُصُولِ " لَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْمِ، فَلَوْ رَمَاهَا دَفْعَةً وَاحِدَةً، لَمْ تُجْزِئْهُ عَنْها وَيُؤَدَّبُ، نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ، فَيُجْزِئُهُ عَنْ وَاحِدَةٍ، وَيُكَمِّلُ السَّبْعَ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ غَسْلُهَا، وَاسْتَحَبَّهُ " الْخِرَقِيُّ " فِي رِوَايَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَرْوَى عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَفِي حَجَرٍ كَبِيرٍ وَجْهَانِ، وَيَسْتَبْطِنُ الْوَادِي، وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ، وَيَرْمِي عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْمَنِ، لِفِعْلِ عَبْدِ اللَّهِ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَلَهُ الرَّمْيُ مِنْ فَوْقِهَا لِفِعْلِ عُمَرَ، وَالْأَوَّلُ أَفْضَلُ، (وَيَرْفَعُ يَدَهُ) قَالَ: جَمَاعَةٌ يُمْنَاهُ (حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبِطِهِ) ؛ لِأَنَّهُ أَعْوَنُ عَلَى الرَّمْيِ، وَأَمْكَنُ، وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ حُصُولِهَا فِي الْمَرْمَى، فَلَوْ رَمَاهَا فَوَقَعَتْ فِي غَيْرِ الْمَرْمَى فَتَدَحْرَجَتْ حَصَاةٌ بِسَبَبِهَا، فَوَقَعَتْ فِيهِ أَوِ الْتَقَطَهَا طَائِرٌ بَعْدَ رَمْيِهَا قَبْلَ وُصُولِهَا، لَمْ يُجْزِئْهُ فَلَوْ وَقَعَتْ فِي مَكَانٍ صُلْبٍ، ثُمَّ تَدَحْرَجَتْ إِلَيْهِ أَوْ وَقَعَتْ عَلَى ثَوْبِ إِنْسَانٍ فَنَفَضَهَا مَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يُجْزِئُهُ قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَهُوَ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الْأَوَّلِ انْقَطَعَ، فَلَوْ رَمَاهَا وَشَكَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>