للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَلَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ، فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَيَتَحَلَّلُ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ، وَعَنْهُ: يَنْقَلِبُ إِحْرَامُهُ لِعُمْرَةٍ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَرْضًا،

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَأَصْلُ الْحَصْرِ: الْمَنْعُ، يُقَالُ: حَصَرَهُ فَهُوَ مَحْصُورٌ، وَأَحْصَرَهُ الْمَرَضُ فَهُوَ مُحْصَرٌ، قَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ الْمَشْهُورُ.

(وَمَنْ طَلَعَ عَلَيْهِ الْفَجْرُ يَوْمَ النَّحْرِ وَلَمْ يَقِفْ بِعَرَفَةَ) لِعُذْرِ حَصْرٍ، أَوْ غَيْرِهِ (فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ) لَا خِلَافَ أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الْوُقُوفِ آخِرُ لَيْلَةِ النَّحْرِ، وَأَنَّ الْحَجَّ يَفُوتُ بِفَوَاتِهِ لِقَوْلِ جَابِرٍ: «لَا يَفُوتُ الْحَجُّ حَتَّى يطلع الْفَجْر مِنْ لَيْلَةِ جَمْعٍ. قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: فَقُلْتُ لَهُ: أَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ» . رَوَاهُ الْأَثْرَمُ.

(وَيَتَحَلَّلُ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ) صَحَّحَهُ فِي " الشَّرْحِ " زَادَ: وَحَلْقٍ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَيْسَ عُمْرَةً؛ لِأَنَّ إِحْرَامَهُ انْعَقَدَ بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ فَلَمْ يَنْقَلِبْ إِلَى الْآخَرِ كَمَا لَوْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ. وَحَكَى ابْنُ أَبِي مُوسَى رِوَايَةً أَنَّهُ يَمْضِي فِي حَجٍّ فَاسِدٍ، وَيَقْضِيهِ، فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ أَفْعَالِ الْحَجِّ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ مَا فَاتَ وَقْتُهُ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ مَا لَمْ يَفُتْ (وَعَنْهُ: يَنْقَلِبُ إِحْرَامُهُ لِعُمْرَةٍ) قَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ " وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ لِقَوْلِ عُمَرَ لِأَبِي أَيُّوبَ لَمَّا فَاتَهُ الْحَجُّ: اصْنَعْ مَا يَصْنَعُ الْمُعْتَمِرُ، ثُمَّ قَدْ حَلَلْتَ فَإِنْ أَدْرَكَتَ الْحَجَّ قَابِلًا فَحُجَّ، وَاهْدِ مَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَرَوَى النَّجَّادُ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَطَاءٍ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، وَلِأَنَّهُ يَجُوزُ فَسْخُ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ مِنْ غَيْرِ فَوَاتٍ، فَمَعَهُ أَوْلَى، وَهَذَا إِنْ لَمْ يَخْتَرِ الْبَقَاءَ عَلَى إِحْرَامِهِ لِيَحُجَّ مِنْ قَابِلٍ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْقَارِنَ وَغَيْرَهُ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ عُمْرَتَهُ لَا تَلْزَمُهُ أَفْعَالُهَا، وَلَا تُجْزِئُهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ فِي الْمَنْصُوصِ، لِوُجُوبِهَا كَمَنْذُورَةٍ. وَعَنْهُ: لَا يَنْقَلِبُ، وَيَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ، جَزَمَ بِهِ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْوَجِيزِ " وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّهُ اخْتِيَارُ ابْنِ حَامِدٍ، فَيُدْخِلُ إِحْرَامَ الْحَجِّ عَلَى الْأَوَّلَةِ فَقَطْ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: وَعَلَى الثَّانِيَةِ يُدْخِلُ إِحْرَامَ الْعُمْرَةِ وَيَصِيرُ قَارِنًا (وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ) إِذَا كَانَ نَفْلًا؛ لِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>