للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْهُ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ. وَهَلْ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا: عَلَيْهِ هَدْيٌ يَذْبَحُهُ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ إِنْ قُلْنَا عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَإِلَّا ذَبَحَهُ فِي عَامِهِ. وَإِنْ أَخْطَأَ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْحَجَّ مَرَّةٌ وَاحِدَةٌ، فَلَوْ وَجَبَ قَضَاءُ النَّافِلَةِ، كَانَ الْحَجُّ أَكْثَرَ مِنْ مَرَّةٍ، وَلِأَنَّهَا تَطَوُّعٌ فَلَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاؤُهَا كَسَائِرِ التَّطَوُّعَاتِ (إِلَّا أَنْ يَكُونَ فَرْضًا) فَيَجِبُ قَضَاؤُهُ بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ فَرْضٌ، وَلَمْ يَأْتِ بِهِ عَلَى وَجْهِهِ، فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنَ الْإِتْيَانِ بِهِ لِيَخْرُجَ عَنْ عُهْدَتِهِ، وَتَسْمِيَتُهُ قَضَاءً بِاعْتِبَارِ الظَّاهِرِ (وَعَنْهُ: عَلَيْهِ الْقَضَاءُ) ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " قَالَ فِي " الْفُرُوعِ ": وَالْمَذْهَبُ لُزُومُ قَضَاءِ النَّفْلِ كَالْإِفْسَادِ، وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ، فَيَصِيرُ كَالْمَنْذُورِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِنَ التَّطَوُّعَاتِ، وَأَمَّا كَوْنُ الْحَجِّ مَرَّةً فَذَاكَ الْوَاجِبُ بِأَصْلِ الشَّرْعِ.

١ -

(وَهَلْ يَلْزَمُهُ هَدْيٌ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، إِحْدَاهُمَا: عَلَيْهِ هَدْيٌ) صَحَّحَهَا فِي " الشَّرْحِ " وَقَدَّمَهَا فِي " الْمُحَرَّرِ " وَذَكَرَ ابْنُ الْمُنَجَّا أَنَّهَا الْمَذْهَبُ لِحَدِيثِ عَطَاءٍ: «مَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ فَعَلَيْهِ دَمٌ» قِيلَ: مَعَ الْقَضَاءِ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ فِي عَامِهِ، وَلَكِنْ يَلْزَمُهُ أَنْ (يَذْبَحَهُ فِي حَجَّةِ الْقَضَاءِ إِنْ قُلْنَا: عَلَيْهِ قَضَاءٌ) لِمَا رَوَى الْأَثْرَمُ أَنَّ هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ حَجَّ مِنَ الشَّامِ فَقَدِمَ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: انْطَلِقْ إِلَى الْبَيْتِ فَطُفْ بِهِ سَبْعًا، وَإِنْ كَانَ مَعَكَ هَدْيٌ فَانْحَرْهُ، ثُمَّ إِذَا كَانَ عَامُ قَابِلٍ فَاحْجُجْ، فَإِنْ وَجَدْتَ سَعَةً فَاهْدِ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعْتَ فَعَلَى هَذَا يَذْبَحُهُ بَعْدَ تَحَلُّلِهِ مِنَ الْقَضَاءِ كَدَمِ التَّمَتُّعِ. ومَحَلُّهُ: مَا لَمْ يَشْتَرِطْ أَوَّلًا، فَإِنِ اشْتَرَطَ فَلَا جَزْمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَصَحَّحَهُ فِي " الْفُرُوعِ " (وَإِلَّا ذَبَحَهُ فِي عَامِهِ) إِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ، إِذْ لَا مَعْنَى لِتَأْخِيرِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ سَاقَ هَدْيًا أَمْ لَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَالْهَدْيُ: مَا اسْتَيْسَرَ كَهَدْيِ الْمُتْعَةِ، وَفِي " الْوَجِيزِ " بَدَنَةٌ، وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ عَاجِزٌ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ، فَهُوَ كَالْمُعْسِرِ، وَيَجِبُ الصَّوْمُ، فَإِنْ مَلَّكَهُ سَيِّدُهُ هَدْيًا، وَأَذِنَ لَهُ فِي ذَبْحِهِ، خَرَجَ عَلَى الْخِلَافِ، وَالثَّانِيَةُ: لَا هَدْيَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَهُ ذَلِكَ لَزِمَهُ هَدْيَانِ: هَدْيٌ لِلْإِحْصَارِ، وَهَدْيٌ لِلْفَوَاتِ، وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُحْصَرَ لَوْ كَانَ قَارِنًا، وَحَلَّ بِمَا قُلْنَا كَانَ عَلَيْهِ فِعْلُ مَا أَهَلَّ بِهِ مِنْ قَابِلٍ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَفِيهِ وَجْهٌ يُجْزِئُهُ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>