للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّاسُ، فَوَقَفُوا فِي غَيْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَجْزَأَهُمْ وَإِنْ أَخْطَأَ بَعْضُهُمْ، فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ. وَمَنْ أَحْرَمَ فَحَصَرَهُ عَدُوٌّ، لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ إِلَى الْحَجِّ، ذَبَحَ هَدْيًا فِي مَوْضِعِهِ وَحَلَّ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

فَعَلَهُ عَنْ عُمْرَةِ الْإِسْلَامِ فَلَا يَلْزَمُهُ إِلَّا قَضَاءُ الْحَجِّ فَقَطْ، وَيَلْزَمُهُ هَدْيَانِ لِقِرَانِهِ وَفَوَاتِهِ، وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ هَدْيٌ ثَالِثٌ لِلْقَضَاءِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ لَا يَجِبُ لَهُ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا هُوَ لِلْفَوَاتِ بِدَلِيلِ أَنَّ الصَّحَابَةَ لَمْ يَأْمُرُوهُ بِأَكْثَرَ مِنْ هَدْيٍ وَاحِدٍ.

(وَإِنْ أَخْطَأَ النَّاسُ فَوَقَفُوا فِي غَيْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ) كَالثَّامِنِ وَالْعَاشِرِ (أَجْزَأَهُمْ) نَصَّ عَلَيْهِ، لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَوْمُ عَرَفَةَ الَّذِي يُعْرِفُ النَّاسُ فِيهِ» ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ خِلَافًا فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، هَلْ هو يَوْمُ عَرَفَةَ بَاطِنًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْهِلَالَ اسْمٌ لِمَا يطلع فِي السَّمَاءِ، أَوْ لِمَا يَرَاهُ النَّاسُ وَيَعْلَمُونَهُ؟ وَالثَّانِي الصَّوَابُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ لَوْ أَخْطَئُوا لِغَلَطٍ فِي الْعَدَدِ أَوْ فِي الطَّرِيقِ، وَنَحْوِهِ فَوَقَفُوا الْعَاشِرَ، لَمْ يُجْزِئْهُمْ إِجْمَاعًا، وَذَكَرَ أَنَّ الْوُقُوفَ مَرَّتَيْنِ بِدْعَةٌ لَمْ يَفْعَلْهُ السَّلَفُ، فَلَوْ رَآهُ طَائِفَةٌ قَلِيلَةٌ لَمْ يَنْفَرِدُوا بِالْوُقُوفِ، بَلِ الْوُقُوفُ مَعَ الْجُمْهُورِ، وَاخْتَارَ فِي " الْفُرُوعِ " يَقِفُ مَرَّتَيْنِ إِنْ وَقَفَ بَعْضُهُمْ لَا سِيَّمَا مَنْ رَآهُ (وَإِنْ أَخْطَأَ بَعْضُهُمْ، فَقَدْ فَاتَهُ الْحَجُّ) وَفِي " الِانْتِصَارِ " عَدَدٌ يَسِيرٌ، وَفِي " التَّعْلِيقِ " الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ، وَفِي " الْكَافِي " وَ " الْمُحَرَّرِ " نَفَرٌ، قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: يُقَالُ: إِنَّ النَّفَرَ مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ لِقَوْلِ عُمَرَ لِهَبَّارٍ: مَا حَبَسَكَ؟ قَالَ: وَحَسِبْتُ أَنَّ الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ، فَلَمْ يَعْذُرْهُ بِذَلِكَ.

(وَمَنْ أَحْرَمَ فَحَصَرَهُ عَدُوٌّ، لَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ إِلَى الْحَجِّ ذَبَحَ هَدْيًا فِي مَوْضِعِهِ وَحَلَّ) بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ، وَسَنَدُهُ {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦] قَالَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ ": قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ التَّفْسِيرِ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي حَصْرِ الْحُدَيْبِيَةِ، وَعَنِ الْمِسْوَرِ بن مخرمة، وَمَرْوَانَ أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>