. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ، لَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ لِأَصْحَابِهِ: «قُومُوا فَانْحَرُوا، ثُمَّ احْلِقُوا» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ دَاعِيَةٌ إِلَى الْحِلِّ لِمَا فِي تَرْكِهِ مِنَ الْمَشَقَّةِ الْعَظِيمَةِ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ شَرْعًا، وَلَا فَرْقَ فِي الْإِحْصَارِ بَيْنَ الْحَجِّ، وَالْعُمْرَةِ أَوْ بِهِمَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ صَاحِبُ " الشَّرْحِ "؛ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ حَلُّوا فِي الْحُدَيْبِيَةِ، وَكَانَتْ عُمْرَةً، وَفِي كَلَامِهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْعُمْرَةِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الْإِرْشَادِ " وَ " الْمُبْهِجِ " وَ " الْفُصُولِ "؛ لِأَنَّهَا لَا تَفُوتُ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: " وَلَمْ يَكُنْ لَهُ طَرِيقٌ إِلَى الْحِلِّ " فَلَا إِشْكَالَ. وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَجِّ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ، وَلَا قَبْلَ الْوُقُوفِ أَوْ بَعْدَهُ. نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ: بَلْ يَكُونُ قَبْلَ تَحَلُّلِهِ الْأَوَّلِ. وَقَدْ نَبَّهَ عَلَى مَا يُشْتَرَطُ لِلتَّحَلُّلِ.
فَمِنْهَا: أَنْ لَا يَجِدَ طَرِيقًا آخَرَ آمِنًا، فَإِنْ وَجَدَهُ لَزِمَهُ سُلُوكُهُ، وَإِنْ بَعُدَ، وَخَافَ الْفَوَاتَ؛ لِأَنَّهُ أَمْكَنَهُ الْوُصُولُ، أَشْبَهَ مَنْ لَمْ يَحْصُرْهُ أَحَدٌ.
وَمِنْهَا: أَنْ يَحْصُرَهُ ظُلْمًا، فَيَشْمَلُ مَا إِذَا أَحَاطَ بِهِ الْعَدُوُّ مِنْ جَمِيعِ الْجَوَانِبِ. قَالَ فِي " التَّلْخِيصِ ": وَعِنْدِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ التَّحَلُّلُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَخَلَّصُ مِنْهُ، فَهُوَ كَالْمَرَضِ، وَشَمَلَ الْحَصْرَ الْعَامَّ وَالْخَاصَّ، كَمَا لَوْ حُصِرَ مُنْفَرِدًا بِأَنْ أَخَذَتْهُ اللُّصُوصُ أَوْ حُبِسَ وَحْدَهُ، فَلَوْ حُبِسَ بِحَقٍّ يَلْزَمُهُ، وَيُمْكِنُهُ أَدَاؤُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّحَلُّلُ، وَشَمَلَ الْعَدُوَّ الْكَافِرَ وَالْمُسْلِمَ، وَالتَّحَلُّلُ مُبَاحٌ لِحَاجَتِهِ فِي الدَّفْعِ إِلَى قِتَالٍ، أَوْ بَذْلِ مَالٍ كَثِيرٍ، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا، وَالْعَدُوُّ مُسْلِمٌ، فَفِي وُجُوبِ الْبَذْلِ وَجْهَانِ، وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ بَذْلِهِ كَالزِّيَادَةِ فِي ثَمَنِ الْمَاءِ لِلْوُضُوءِ، ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَمَعَ كُفْرِ الْعَدُوِّ يُسْتَحَبُّ قِتَالُهُ إِنْ قَوِيَ الْمُسْلِمُونَ، وَإِلَّا فَتَرْكُهُ أَوْلَى.
وَمِنْهَا: أَنْ يَنْحَرَ هَدْيًا فِي مَوْضِعِهِ إِنْ أَمْكَنَهُ أَوْ بَدَلَهُ إِنَّ عَجَزَ عَنْهُ: وَهُوَ الصِّيَامُ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - هَكَذَا فَعَلَ، وَأَمَرَ بِهِ أَصْحَابَهُ، فَيَنْحَرُهُ بِنِيَّةِ التَّحَلُّلِ بِهِ وُجُوبًا فَكَأَنَّهُ كَالْحَلْقِ، يَجُوزُ لَهُ فَقَطْ فِي الْحِلِّ، قَالَهُ فِي " الِانْتِصَارِ " وَذَكَرَ غَيْرُهُ: يَجُوزُ لَهُ، وَلِغَيْرِهِ فِي الْحِلِّ، وَعَنْهُ: يَنْحَرُهُ فِي الْحَرَمِ، فَيُوَاطِئُ رَجُلًا عَلَى نَحْرِهِ فِي وَقْتٍ يَتَحَلَّلُ فِيهِ، رُوِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute