للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَيْتِ، تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ أُحْصِرَ بِمَرَضٍ أَوْ ذَهَابِ نَفَقَةٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّحَلُّلُ، وَإِنْ فَاتَهُ الْحَجُّ، تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّحَلُّلُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

أَيْ: قَضَاءِ النَّفْلِ (عَلَى الْمُحْصَرِ رِوَايَتَانِ) نَقَلَ الْجَمَاعَةُ: أَنَّهُ لَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، صَحَّحَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " وَقَدَّمَهُ فِي " الْفُرُوعِ "؛ لِأَنَّ الَّذِينَ صُدُّوا كَانُوا أَلْفًا وَأَرْبَعِمِائَةً، وَالَّذِينَ اعْتَمَرُوا مَعَهُ مِنْ قَابِلٍ كَانُوا يَسِيرًا، وَلَمْ يُنْقَلُ أَنَّهُ أَمَرَ الْبَاقِينَ بِالْقَضَاءِ، وَلِأَنَّهُ تَطَوُّعٌ جَازَ التَّحَلُّلُ مِنْهُ مَعَ صَلَاحِ الزَّمَانِ لَهُ، فَلَمْ يَجِبْ قَضَاؤُهُ كَالصَّوْمِ، وَالثَّانِيَةُ نَقَلَهَا أَبُو الْحَارِثِ وَأَبُو طَالِبٍ: يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمَّا تَحَلَّلُ زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ قَضَى مِنْ قَابِلٍ، وَسُمِّيَتْ عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ، وَلِأَنَّهُ حَلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ قَبْلَ إِتْمَامِهِ، فَلَزِمَهُ الْقَضَاءُ، كَمَا لَوْ فَاتَهُ الْحَجُّ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَتَسْمِيَتُهَا عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ، إِنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا الْقَضِيَّةُ الَّتِي اصْطَلَحُوا عَلَيْهَا، وَلَوْ أَرَادُوا غَيْرَ ذَلِكَ لَقَالُوا: عُمْرَةُ الْقَضَاءِ، وَتُفَارِقُ الْفَوَاتَ؛ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا، فَلَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَعَلَى الْخِلَافِ، قَالَهُ فِي " الِانْتِصَارِ " وَخَرَّجَ مِنْهَا فِي " الْوَاضِحِ " مِثْلَهُ فِي مَنْذُورَةٍ، وَفِي كِتَابِ " الْهَدْيِ ": لَا يَلْزَمُ الْمُحْصَرَ هَدْيٌ، وَلَا قَضَاءٌ، لِعَدَمِ أَمْرِ الشَّارِعِ بِهِمَا، وَفِيهِ نَظَرٌ

١ -

(فَإِنْ صُدَّ عَنْ عَرَفَةَ دُونَ الْبَيْتِ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ) ؛ لِأَنَّ لَهُ فَسْخُ نِيَّةِ الْحَجِّ إِلَى الْعُمْرَةِ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ، فَمَعَهُ أَوْلَى، وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِعَمَلِ الْعُمْرَةِ، فَعَلَى هَذَا يَتَحَلَّلُ بِطَوَافٍ وَسَعْيٍ وَحَلْقٍ (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْفَسْخِ، وَعَنْهُ: حُكْمُهُ كَمَنْ مُنِعَ الْبَيْتَ، وَعَنْهُ: يَبْقَى مُحْرِمًا إِلَى أَنْ يَفُوتَهُ الْحَجُّ فَيَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ إِذَنْ (وَمَنْ حُصِرَ بِمَرَضٍ أَوْ ذَهَابِ نَفَقَةٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّحَلُّلُ) فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِلْأَصْحَابِ، لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَا حَصْرَ إِلَّا حَصْرَ الْعَدُوِّ. رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ. رَوَاهُ مَالِكٌ، وَلَوْ كَانَ الْمَرَضُ يُبِيحُ التَّحَلُّلَ، لَمْ يَأْمُرْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ضُبَاعَةَ بِالِاشْتِرَاطِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَسْتَفِيدُ بِهِ الِانْتِقَالَ مِنْ حَالِهِ، وَلَا التَّخَلُّصَ مِنَ الْأَذَى الَّذِي بِهِ، بِخِلَافِ حَصْرِ الْعَدُوِّ، فَعَلَى هَذَا يَبْقَى مُحْرِمًا حَتَّى يَقْدِرَ عَلَى الْبَيْتِ (وَإِنْ فَاتَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>