للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَنْ حَصَرَهُ الْعَدُوُّ. وَمِنْ شَرَطَ فِي ابْتِدَاءِ إِحْرَامِهِ أَنَّ مَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي، فَلَهُ التَّحَلُّلُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

الْحَجُّ تَحَلَّلَ بِعُمْرَةٍ) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ، وَكَغَيْرِ الْمَرِيضِ، ثُمَّ إِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ بَعَثَ بِهِ لِيُذْبَحَ بِالْحَرَمِ نَصَّ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْمُحْصَرِ لِكَوْنِهِ يَذْبَحُهُ فِي مَوْضِعِهِ، (وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَجُوزَ لَهُ التَّحَلُّلُ) هَذَا رِوَايَةٌ، وَاخْتَارَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَلَعَلَّهَا أَظْهَرُ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ - تَعَالَى - {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ} [البقرة: ١٩٦] وَلِمَا رَوَى الْحَجَّاجُ بْنُ عَمْرٍو الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ كُسِرَ أَوْ عَرِجَ فَقَدْ حَلَّ، وَعَلَيْهِ الْحَجُّ مِنْ قَابِلٍ» قَالَ عِكْرِمَةُ: فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ ذَلِكَ فَسَأَلَتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَأَبَا هُرَيْرَةَ عَمَّا قَالَ فَصَدَّقَاهُ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ، وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَلَفْظُ الْإِحْصَارِ إِنَّمَا هُوَ لِلْمَرَضِ، يُقَالُ: أَحْصَرَهُ الْمَرَضُ إِحْصَارًا، فَهُوَ مَحْصُورٌ، وَزَعَمَ الْأَزْهَرِيُّ أَنَّهُ كَلَامُ الْعَرَبِ، وَاسْتُفِيدَ حَصْرُ الْعَدُوِّ بِطَرِيقِ التَّنْبِيهِ، فَيَكُونُ حُكْمُهُ (كَمَنْ حَصَرَهُ الْعَدُوُّ) عَلَى مَا مَضَى، يَنْحَرُ الْهَدْيَ أَوْ يَصُومُ إِنْ لَمْ يَجِدْهُ، ثُمَّ يُحِلُّ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ مَتْرُوكُ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُحِلُّ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَجَازٌ سَائِغٌ؛ لِأَنَّ مَنْ أُبِيحُ لَهُ التَّحَلُّلُ فَقَدْ حَلَّ، وَيَقْضِي عَبْدٌ كَحُرٍّ، وَصَغِيرٌ كَبَالِغٍ.

مَسْأَلَةٌ: مَثَلُهُ حَائِضٌ تَعَذَّرَ مُقَامُهَا، وَحَرُمَ طَوَافُهَا، أَوْ رَجَعَتْ وَلَمْ تَطُفْ لِجَهْلِهَا بِوُجُوبِ طَوَافِ الزِّيَارَةِ، أَوْ لِعَجْزِهَا عَنْهُ، أَوْ لِذَهَابِ الرُّفْقَةِ، وَكَذَا مَنْ ضَلَّ الطَّرِيقَ، ذَكَرَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " وَفِي " التَّعْلِيقِ " لَا يَتَحَلَّلُ (وَمَنْ شَرَطَ فِي ابْتِدَاءِ إِحْرَامِهِ أَنَّ مَحَلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي، فَلَهُ التَّحَلُّلُ بِجَمِيعِ ذَلِكَ) لِحَدِيثِ ضُبَاعَةَ، وَلِأَنَّ لِلشَّرْطِ تَأْثِيرًا فِي الْعِبَادَةِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: إِنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي، صُمْتُ شَهْرًا، فَيَلْزَمُ بِوُجُودِهِ، وَيَعْدَمُ بِعَدَمِهِ، (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لَا هَدْيَ، وَلَا قَضَاءَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَكْمَلَ أَفْعَالَ الْحَجِّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>