وَفِي إِحْرَاقِ شَجَرِهِمْ وَزَرْعِهِمْ وَقَطْعِهِ رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهُمَا: يَجُوزُ إِنْ لَمْ يَضُرَّ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
لِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ قَتْلِ الْحَيَوَانِ صَبْرًا. وَاخْتَارَ فِي " الْمُغْنِي " جَوَازَ ذَلِكَ. مِمَّا يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْكُفَّارِ فِي الْقِتَالِ كَالْخَيْلِ، وَذَكَرَهُ فِي " الْمُسْتَوْعِبِ " بِشَرْطِ عَجْزِ الْمُسْلِمِينَ عَنْ سِيَاقِهِ وَأَخْذِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ إِيصَالُهُ إِلَى الْكُفَّارِ لِلْبَيْعِ، فَتَرْكُهُ لَهُمْ بِلَا عِوَضٍ أَوْلَى بِالتَّحْرِيمِ، وَعَكْسُهُ أَشْهَرُ. وَفِي " الْبُلْغَةِ " يَجُوزُ قَتْلُ مَا قَاتَلُوا عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ، وَأَمَّا عَقْرُهَا لِلْأَكْلِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ ذَلِكَ، فَيُبَاحُ بِغَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ تُبِيحُ مَالَ الْمَعْصُومِ، فَغَيْرُهُ أَوْلَى، وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْحَاجَةُ دَاعِيَةً إِلَى ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْحَيَوَانُ لَا يُرَادُ إِلَّا لِلْأَكْلِ كَالدَّجَاجِ وَسَائِرِ الطَّيْرِ؛ فَحُكْمُهُ كَالطَّعَامِ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ. وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي الْقِتَالِ، كَالْخَيْلِ، لَمْ يُبَحْ ذَبْحُهُ لِلْأَكْلِ فِي قَوْلِ الْجَمِيعِ، لَكِنْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: أَخْتَارُ عَقْرَهَا لِغَيْرِ الْأَكْلِ بِشَرْطِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، لَمْ يُبَحْ فِي قَوْلِ الْجَمَاعَةِ. وَقَالَ الْقَاضِي: ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ إِبَاحَتُهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ كَالطَّعَامِ، وَاسْتَثْنَى فِي الْمُغْنِي مِنْ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ: إِذَا أَذِنَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي " الشَّرْحِ ".
فَرْعٌ: إِذَا تَعَذَّرَ حَمْلُ مَتَاعٍ فَتُرِكَ، وَلَمْ يُشْتَرَ، فَلِلْإِمَامِ أَخْذُهُ لِنَفْسِهِ، وَإِحْرَاقُهُ، نَصَّ عَلَيْهِمَا. وَإِلَّا حَرُمَ إِذَا جَازَ اغْتِنَامُهُ حَرُمَ إِتْلَافُهُ، وَإِلَّا جَازَ إِتْلَافُ غَيْرِ الْحَيَوَانِ، وَإِذَا قَالَ الْأَمِيرُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ نَقْلِهِ: مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ، أَخَذَهُ، وَكَذَا إِنْ لَمْ يَقُلْ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ، وَيَجِبُ إِتْلَافُ كُتُبِهِمُ الْمُبَدَّلَةِ، ذَكَرَهُ فِي " الْبُلْغَةِ ".
(وَفِي إِحْرَاقِ شَجَرِهِمْ وَزَرْعِهِمْ وَقَطْعِهِ رِوَايَتَانِ إِحْدَاهُمَا: يَجُوزُ) . قَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ " قال الزركشي وَهُوَ أَظْهَرُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا} [الحشر: ٥] الْآيَةَ وَلِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَقَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ، وَقَطَعَ، وَهِيَ الْبُوَيْرَةُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ - تَعَالَى - الْآيَةَ» ، وَفِيهِ يَقُولُ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:
وَهَانَ عَلَى سَرَاةِ بَنِي لُؤَيٍّ ... حَرِيقٌ بِالْبُوَيْرَةِ مُسْتَطِيرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute