بِالْمُسْلِمِينَ، وَالْأُخْرَى: لَا يَجُوزُ إِلَّا أَنْ لَا يُقْدَرَ عَلَيْهِمْ إِلَّا بِهِ، أَوْ يَكُونُوا يَفْعَلُونَهُ بِنَا، وَكَذَلِكَ رَمْيُهُمْ بِالنَّارِ، وَفَتْحُ الْمَاءِ لِيُغْرِقَهُمْ. وَإِذَا ظَفِرَ بِهِمْ لَمْ يَقْتُلْ صَبِيّ وَلَا امْرَأَة وَلَا رَاهِب،
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (إِنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْمُسْلِمِينَ) كَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ " وَزَادَ: وَلَا نَفَعَ. فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا يَتَضَرَّرُ الْمُسْلِمُونَ بِقَطْعِهِ لِكَوْنِهِ يَنْتَفِعُونَ بِهِ بِبَقَائِهِ لِعُلُوفِهِمْ أَوْ يَسْتَظِلُّونَ بِهِ أَوْ يَأْكُلُونَ مِنْ ثَمَرِهِ، لَمْ يَجُزْ لِمَا فِيهِ مِنَ الْإِضْرَارِ بِالْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ مَنْفِيٌّ شَرْعًا (وَالْأُخْرَى لَا يَجُوزُ) لِحَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِ، وَلِأَنَّ فِيهِ إِتْلَافًا مَحْضًا، فَلَمْ يَجُزْ كَعَقْرِ الْحَيَوَانِ (إِلَّا أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَيْهِمْ إِلَّا بِهِ) كَالَّذِي يَقْرُبُ مِنْ حُصُونِهِمْ، وَيَمْنَعُ مِنْ قِتَالِهِمْ، وَيَسْتَتِرُونَ بِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَزَادَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " أَوْ يُحْتَاجُ إِلَى قَطْعِهِ لِتَوْسِعَةِ الطَّرِيقِ، أَوْ يُمَكِّنُ مِنْ قِتَالٍ، أَوْ سَدِّ شَقٍّ، أَوْ سِتَارَةِ مَنْجَنِيقٍ. (أَوْ يَكُونُوا يَفْعَلُونَهُ بِنَا) فَنَفْعَلُهُ بِهِمْ، قَالَ أَحْمَدُ: لِأَنَّهُمْ يُكَافَئُونَ عَلَى فِعْلِهِمْ. وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ. ذَكَرَهُ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " (وَكَذَلِكَ رَمْيُهُمْ بِالنَّارِ وَفَتْحُ الْمَاءِ لِيُغْرِقَهُمْ) أَيْ فِيهِ رِوَايَتَانِ، إِحْدَاهُمَا: يَجُوزُ؛ جَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مُكَافَأَتُهُمْ، وَإِقَامَةُ كَلِمَةِ الْحَقِّ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ وَسِيلَةً إِلَيْهِ جَازَ كَالْقَتْلِ، لَكِنَّهُ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِمْ بِغَيْرِهِ، لَمْ يَجُزْ تَحْرِيقُهُمْ بِالنَّارِ بِغَيْرِ خِلَافٍ. وَعِنْدَ الْعَجْزِ: يَجُوزُ فِي قَوْلِ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي فَتْحِ الثُّقُوبِ لِتَغْرِقهِمْ.
وَالثَّانِيَةُ: الْمَنْعُ؛ أَمَّا النَّارُ فَلَا يُعَذِّبُ بِهَا إِلَّا اللَّهُ - تَعَالَى - وَأَمَّا الْمَاءُ فَلِأَنَّ الْإِتْلَافَ بِهِ يَعُمُّ النِّسَاءَ، وَالذُّرِّيَّةَ مَعَ أَنَّ عَنْهُ وَجْهًا، لَكِنْ لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمْ إِلَّا بِهِ، أَوْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ بِنَا، جَازَ.
(وَإِذَا ظَفِرَ بِهِمْ لَمْ يَقْتُلْ صَبِيًّا) لَمْ يَبْلُغْ بِغَيْرِ خِلَافٍ، لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ، وَالصِّبْيَانِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ يَصِيرُ رَقِيقًا بِنَفْسِ السَّبْيِ؛ فَفِي قَتْلِهِ إِتْلَافُ الْمَالِ فَإِنْ شَكَّ فِي بُلُوغِهِ عَوَّلَ عَلَى شَعَرِ عَانَتِهِ. قَالَهُ فِي " الْبُلْغَةِ ". (وَلَا امْرَأَةً) لِمَا ذَكَرْنَا، وَالْخُنْثَى كَهِيَ. (وَلَا رَاهِب) فِي صَوْمَعَتِهِ. قَالَ جَمَاعَةٌ: وَلَا يُخَالِطُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute