للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رِوَايَتَانِ. وَلَا يَجُوزُ إِلَّا الْأَصْلَحُ لِلْمُسْلِمِينَ فَإِنْ أَسْلَمُوا، رَقُّوا فِي الْحَالِ. وَمَنْ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَمُسْلِمٍ أَصْلِيٍّ فِي قَوْدٍ وِدْيَةٍ، لَكِنْ لَا قَوْدَ مَعَ شُبْهَةِ التَّأْوِيلِ، وَفِي الدِّيَةِ الْخِلَافُ كَبَاغٍ. وَالتَّخْيِيرُ السَّابِقُ ثَابِتٌ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ، وَمَنْ يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ، فَأَمَّا غَيْرُهُ، فَقَالَ فِيهِ: (إِلَّا غَيْرَ الْكِتَابِيِّ فَفِي اسْتِرْقَاقِهِ رِوَايَتَانِ) كَذَا فِي " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْفُرُوعِ ".

إِحْدَاهُمَا: يَجُوزُ، وَإِلَيْهَا مَيْلُ الْمُؤَلِّفِ وَهِيَ ظَاهِرُ " الْوَجِيزِ " كَغَيْرِهِمْ.

وَالثَّانِيَةُ: لَا، اخْتَارَهَا الشَّرِيفُ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَصَحَّحَهَا فِي " الْبُلْغَةِ ".

قَالَ الْخِرَقِيُّ: لَا يُقْبَلُ مِنْهُمْ إِلَّا الْإِسْلَامُ أَوِ السَّيْفُ، وَفِي " الْوَاضِحِ " يَدُلُّ هَذَا عَلَى مُفَادَاتٍ وَمَنٍّ؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ لَا يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ فَلَمْ يُسْتَرَقَّ كَالْمُرْتَدِّ، وَالْمُؤَلِّفُ تَبِعَ أَبَا الْخَطَّابِ فِي حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَالْمَجْدُ جَعَلَ مَنَاطَ الْحُكْمِ فِيمَنْ لَا يُقَرُّ بِالْجِزْيَةِ. فَعَلَى قَوْلِهِ نَصَارَى بَنِي تَغْلِبَ يَجْرِي فِيهِمُ الْخِلَافُ، لِعَدَمِ أَخْذِهَا مِنْهُمْ. وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ أَنَّ الْكَافِرَ إِذَا كَانَ مَوْلَى مُسْلِمٍ لَا يَجُوزُ اسْتِرْقَاقُهُ؛ لِأَنَّ فِي اسْتِرْقَاقِهِ تَفْوِيتَ وَلَاءِ الْمُسْلِمِ الْمَعْصُومِ بِخِلَافِ وَلَدِهِ الْحَرْبِيِّ لِبَقَاءِ نَسَبِهِ. وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ وَلَاءٌ لِذِمِّيٍّ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ فَجَازَ اسْتِرْقَاقُهُ كَغَيْرِهِ.

(وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَخْتَارَ إِلَّا الْأَصْلَحَ لِلْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّ هَذَا تَخْيِيرُ مَصْلَحَةٍ وَاجْتِهَادٌ لَا تَشَهٍّ؛ فَمَتَى رَأَى مَصْلَحَةً فِي خَصْلَةٍ لَزِمَهُ فِعْلُهَا. وَفِي " الرَّوْضَةِ " يُنْدَبُ، وَلِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ لَهُمْ عَلَى سَبِيلِ النَّظَرِ لَهُمْ، فَلَمْ يَجُزْ تَرْكُ مَا فِيهِ الْأَصْلَحُ كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ. وَلِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَسْرَى؛ فَالْقَوِيُّ قَتْلُهُ أَصْلَحُ، وَلَا يُمَثَّلُ بِهِ، وَعَنْهُ: بَلَى إِنْ فَعَلَوْهُ، وَالضَّعِيفُ الَّذِي لَهُ مَالٌ فِدَاؤُهُ أَصْلَحُ، وَمَنْ لَهُ رَأْيٌ حَسَنٌ يُرْجَى إِسْلَامُهُ، فَالْمَنُّ عَلَيْهِ أَصْلَحُ، وَمَنْ يُنْتَفَعُ بِخِدْمَتِهِ، فَاسْتِرْقَاقُهُ أَصْلَحُ، وَإِنْ تَرَدَّدَ نَظَرُهُ، فَقَتْلُهُ أَوْلَى. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لِلْإِمَامِ عَمَلَ الْمَصْلَحَةِ فِي مَالٍ وَغَيْرِهِ، لِفِعْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَهْلِ مَكَّةَ.

فَرْعٌ: مَنِ اسْتُرِقَّ أَوْ فُودِيَ بِمَالٍ، كَانَ لِلْغَانِمِينَ بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ. (فَإِنْ أَسْلَمُوا،

<<  <  ج: ص:  >  >>