نِكَاحُهَا، وَحَلَّتْ لِسَابِيهَا. وَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُ مَنِ اسْتُرِقَّ مِنْهُمْ لِلْمُشْرِكِينَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ، وَلَا يُفَرَّقُ فِي الْبَيْعِ بَيْنَ ذَوِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ إِلَّا بَعْدَ الْبُلُوغِ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَإِذَا حَصَرَ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
بِاسْتِرْقَاقِ الزَّوْجَيْنِ) وَبِسَبْيِهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّ الِاسْتِرْقَاقَ مَعْنًى لَا يَمْنَعُ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ، فَلَمْ يَقْطَعِ اسْتِدَامَتَهُ كَالْعِتْقِ. وَعَنْهُ: يَنْفَسِخُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤] وَالْمُرَادُ بِالْمُحْصَنَاتِ: الْمُزَوَّجَاتُ {إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: ٢٤] بِالسَّبْيِ، وَهَذَا إِذَا تَعَدَّدَ سَابِيهَا. قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ. وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَسْبِيَهَا رَجُلٌ أَوْ رَجُلَانِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ. (وَإِنْ سُبِيَتِ الْمَرْأَةُ وَحْدَهَا انْفَسَخَ نِكَاحُهَا) بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ، قَالَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَعَنْهُ: لَا يَنْفَسِخُ، قَدَّمَهَا فِي " التَّبْصِرَةِ " كَزَوْجَةِ ذِمِّيٍّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ (وَحَلَّتْ لِسَابِيهَا) لِلْآيَةِ، وَلِمَا رَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ «قَالَ: أَصَبْنَا سَبَايَا يَوْمَ أَوْطَاسٍ، وَلَهُنَّ أَزْوَاجٌ فِي قَوْمِهِنَّ فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَنَزَلَتْ {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٤] الْآيَةَ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الزَّوْجَ إِذَا سُبِيَ مُنْفَرِدًا أَنَّهُ لَا يَنْفَسِخُ نِكَاحُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا نَصَّ عَلَيْهِ فِيهِ، وَلَا يَقْتَضِيهِ الْقِيَاسُ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إِذَا سُبِيَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ، انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَلَمْ يُفَرَّقْ.
(وَهَلْ يَجُوزُ بَيْعُ مَنِ اسْتُرِقَّ مِنْهُمْ لِلْمُشْرِكِينَ؛ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) .
أَظْهَرُهُمَا: لَا يَصِحُّ. قَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ لِأَهْلِ الذِّمَّةِ أَنْ يَشْتَرُوا مِمَّا سَبَى الْمُسْلِمُونَ؛ لِأَنَّهُ يُرْوَى أَنَّ عُمَرَ كَتَبَ يَنْهَى أُمَرَاءَ الْأَمْصَارِ عَنْ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ فِيهِ تَفْوِيتًا لِلْإِسْلَامِ، فَلَا يَجُوزُ رَدُّهُمْ إِلَى الْكُفْرِ، كَمَا لَوْ أَسْلَمُوا.
وَالثَّانِيَةُ: يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاعَ سَبْيَ بَنِي قُرَيْظَةَ لِأَهْلِ الْحَرْبِ، وَلِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ إِثْبَاتِ يَدِهِ عَلَيْهِ، فَلَا يُمْنَعُ مِنِ ابْتِدَائِهِ كَالْمُسْلِمِ.
وَعَنْهُ: يَجُوزُ فِي الْبَالِغِ دُونَ الصِّغَارِ، وَعَنْهُ: يَجُوزُ فِي غَيْرِ النِّسَاءِ، وَكَذَا الْخِلَافُ بِمُفَادَاتِهِ بِمَالٍ. (وَلَا يُفَرَّقُ فِي الْبَيْعِ) وَلَا فِي الْقِسْمَةِ (بَيْنَ ذَوِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ) قَبْلَ الْبُلُوغِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute