للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفِدَاءِ فَإِنْ حَكَمَ بِالْمَنِّ، لَزِمَ قَبُولُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ حَكَمَ بِقَتْلٍ أَوْ سَبْيٍ، فَأَسْلَمُوا، عَصَمُوا دِمَاءَهُمْ. وَفِي اسْتِرْقَاقِهِمْ وَجْهَانِ.

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

التَّعْيِينَ إِلَيْهِمْ، لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا اخْتَارُوا غَيْر الْأَصْلَحِ. ذَكَرَهُ فِي " الشَّرْحِ " وَغَيْرِهِ.

الثَّانِي: فِي صِفَةِ الْحُكْمِ فَقَالَ: (وَلَا يَحْكُمُ إِلَّا بِمَا فِيهِ الْأَحَظُّ لِلْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّهُ نَائِبُ الْإِمَامِ فَقَامَ مَقَامَهُ فِي اخْتِيَارِ الْأَحَظِّ فِي الْأَسْرَى؛ وَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَحُكْمُهُ لَازِمٌ. (مِنَ الْقَتْلِ وَالسَّبْيِ) لِأَنَّ سَعْدًا حَكَمَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ بِقَتْلِهِمْ، وَسَبْيِ ذَرَارِيِّهِمْ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَقَدْ حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ أَرْقِعَةٍ» .

(وَالْفِدَاءِ) لِمَا سَبَقَ فِي الْإِمَامِ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِإِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ، لَمْ يَلْزَمْ حُكْمُهُ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الذِّمَّةِ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ، وَاشْتُرِطَ فِيهِ التَّرَاضِي. وَكَذَلِكَ لَا يَمْلِكُ الْإِمَامُ إِجْبَارَ الْأَسِيرِ عَلَى إِعْطَاءِ الْجِزْيَةِ (فَإِنْ حَكَمَ بِالْمَنِّ لَزِمَهُ قَبُولُهُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ) قَالَهُ الْقَاضِي، وَقَدَّمَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ " وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْوَجِيزِ "؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْإِمَامِ فَكَانَ لَهُ الْمَنُّ، كَهُوَ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَبَاهُ الْإِمَامُ.

وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ فِيهِ، وَمَحَلُّهُ إِذَا لَمْ يَرَهُ الْإِمَامُ. قَالَهُ فِي " الْكَافِي " وَ " الْمُحَرَّرِ " وَ " الْخُلَاصَةِ " وَقِيلَ: فِي الْمُقَاتِلَةِ دُونَ النِّسَاءِ، وَالذُّرِّيَّةِ لِأَنَّهُمَا غَنِيمَةٌ، فَلَيْسَ لِلْحَاكِمِ تَرْكُهَا مَجَّانًا، وَفِي " الْكَافِي " وَ " الْبُلْغَةِ ": لَوْ حَكَمَ بِأَسْرٍ لَمْ يَجُزْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَمُنَّ بِإِطْلَاقِهِمْ إِلَّا بِرِضَا الْغَانِمِينَ (وَإِنْ حَكَمَ بِقَتْلٍ أَوْ سَبْيٍ، فَأَسْلَمُوا) بَعْدَ الْحُكْمِ (عَصَمُوا دِمَاءَهُمْ) لِأَنَّ قَتْلَ الْمُسْلِمِ حَرَامٌ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ لَا يَعْصِمُونَ أَمْوَالَهُمْ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ لِلْمُسْلِمِينَ قَبْلَ إِسْلَامِهِمْ، وَكَذَا سَبْيُهُمْ، قَالَهُ فِي " الْمُحَرَّرِ ".

(وَفِي اسْتِرْقَاقِهِمْ وَجْهَانِ) كَذَا فِي " الْبُلْغَةِ " وَفِي " الْكَافِي " وَ " الْمُحَرَّرِ "

<<  <  ج: ص:  >  >>