الدُّخُولِ وَيَمْنَعُ الْمُخَذِّلَ وَالْمُرْجِفَ وَالنِّسَاءَ إِلَّا طَاعِنَةً فِي السِّنِّ لِسَقْيِ الْمَاءِ وَمُعَالَجَةِ
ــ
[المبدع في شرح المقنع]
قَحِمًا، وَهُوَ الْكَبِيرُ، أَوْ ضَرِعًا وَهُوَ الصَّغِيرُ أَوْ هَزِيلًا. وَكَالرَّجُلِ إِذَا كَانَ زَمِنًا أَوْ أَشَلَّ أَوْ مَرِيضًا. (يَمْنَعُهُ مِنَ الدُّخُولِ) لِئَلَّا يَنْقَطِعَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَلِأَنَّهُ يَكُونُ كَلًّا عَلَى الْجَيْشِ، وَمُضَيِّقًا عَلَيْهِمْ، وَرُبَّمَا كَانَ سَبَبًا لِلْهَزِيمَةِ. (وَيَمْنَعُ الْمُخَذِّلَ) وَهُوَ الَّذِي يُفَنِّدُ النَّاسَ عَنِ الْغَزْوِ، وَيُزَهِّدُهُمْ فِي الْخُرُوجِ إِلَيْهِ (وَالْمُرْجِفُ) وَهُوَ الَّذِي يُحَدِّثُ بِقُوَّةِ الْكُفَّارِ وَضَعْفِنَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة: ٤٦] {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ} [التوبة: ٤٧] الْآيَةَ وَكَذَا يُمْنَعُ مُكَاتِبٌ بِأَخْبَارِنَا، وَرَامٍ بَيْنَنَا بِالْفِتَنِ، وَمَعْرُوفٌ بِنِفَاقٍ وَزَنْدَقَةٍ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ مَضَرَّةٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَلَزِمَ الْإِمَامَ مَنْعُهُمْ، إِزَالَةً لِلضَّرَرِ.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ دَعَتِ الضَّرُورَةُ إِلَيْهِمْ فِي الْأَصَحِّ، وَكَذَا يُمْنَعُ صَبِيٌّ.
وَعِبَارَةُ " الْمُغْنِي " وَ " الْكَافِي " وَ " الْبُلْغَةِ " طِفْلٌ. وَفِي " الشَّرْحِ " يَجُوزُ أَنْ يَأْذَنَ لِمَنِ اشْتَدَّ مِنَ الصِّبْيَانِ؛ لِأَنَّ فِيهِمْ مَنْفَعَةً، وَمَعُونَةً (وَالنِّسَاءِ) لِلِافْتِتَانِ بِهِنَّ مَعَ أَنَّهُنَّ لَسْنَ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ، لِاسْتِيلَاءِ الْخَوْفِ وَالْجُبْنِ عَلَيْهِنَّ، وَلِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ ظَفَرُ الْعَدُوِّ بِهِنَّ، فَيُحِلُّونَ مِنْهُنَّ مَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَاسْتَثْنَى بَعْضُهُمُ امْرَأَةَ أَمِيرِ الْجَيْشِ لِفِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (إِلَّا طَاعِنَةً فِي السِّنِّ) أَيْ: عَجُوزًا (لِسَقْيِ الْمَاءِ وَمُعَالَجَةِ الْجَرْحَى) أَيْ: لِلْمَصْلَحَةِ لِقَوْلِ «الرَّبِيعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ: كُنَّا نَغْزُو مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَسْتقِي الْمَاءَ، وَنَخْدُمُهُمْ، وَنَرُدُّ الْجَرْحَى وَالْقَتْلَى إِلَى الْمَدِينَةِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَعَنْ أَنَسٍ مَعْنَاهُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ؛ لِأَنَّ الرِّجَالَ يَشْتَغِلُونَ بِالْحَرْبِ عَنْ ذَلِكَ، فَيَكُونُ مَعُونَةً لِلْمُسْلِمِينَ، وَتَوْفِيرًا لِلْمُقَاتِلَةِ. وَنَهْيُ النِّسَاءِ عَنْ ذَلِكَ لِلتَّحْرِيمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ " الْخِرَقِيِّ " وَ " الْمُحَرَّرِ " وَصَرَّحَ فِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " بِالْكَرَاهَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute