للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْمٌ لَا مَنَعَةَ لَهُمْ دَارَ الْحَرْبِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، فَغَنِمُوا، فَغَنِيمَتُهُمْ فَيْءٌ، وَعَنْهُ: هِيَ لَهُمْ بَعْدَ الْخُمُسِ، وَعَنْهُ: هِيَ لَهُمْ لَا خُمُسَ فِيهَا، وَمَنْ أَخَذَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ طَعَامًا أَوْ عَلَفًا، فَلَهُ

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

هُوَ بِفَتْحِ الْأَحْرُفِ الثَّلَاثَةِ، وَقَدْ تُسَكَّنُ النُّونُ، وَالْمُرَادُ بِهَا الْقُوَّةُ وَالدَّفْعُ. (دَارَ الْحَرْبِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ) أَيْ: إِذْنِ الْمُعْتَبَرِ إِذْنُهُ، وَهُوَ إِمَامُ الْحَقِّ، غَيْرُ الْمُتَغَلِّبِ (فَغَنِمُوا، فَغَنِيمَتُهُمْ فَيْءٌ) عَلَى الْمَذْهَبِ لِأَنَّهُمْ عُصَاةٌ بِفِعْلِهِمْ، وَافْتِئَاتِهِمْ عَلَى الْإِمَامِ لِطَلَبِ الْغَنِيمَةِ، فَنَاسَبَ حِرْمَانَهُمْ كَقَتْلِ الْموروثِ (وَعَنْهُ: هِيَ لَهُمْ بَعْدَ الْخُمُسِ) وَهِيَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَاخْتَارَهَا الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ، وَفِي " الْمُغْنِي " وَ " الشَّرْحِ " هِيَ الْأَوْلَى، لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: ٢٤٩] (وَعَنْهُ: هِيَ لَهُمْ لَا خُمُسَ فِيهَا) لِأَنَّهُ اكْتِسَابٌ مُبَاحٌ مِنْ غَيْرِ جِهَادٍ، أَشْبَهَ الِاحْتِطَابَ، أَوْ يُقَالُ: أَخَذُوهُ لَا بِقُوَّةٍ أَشْبَهَ مَا لَوْ سَرَقُوهُ.

فَرْعٌ: حُكْمُ الْوَاحِدِ وَلَوْ عَبْدًا إِذَا دَخَلَ الْحَرْبَ وَغَنِمَ، الْخِلَافُ، وَكَذَا مَا سُرِقَ مِنْهَا أَوِ اخْتُلِسَ. ذَكَرَهُ فِي " الْبُلْغَةِ " وَمَعْنَاهُ فِي " الرَّوْضَةِ ".

(وَمَنْ أَخَذَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ طَعَامًا أَوْ عَلَفًا) لَا غَيْرَهَا مِنْ ثِيَابٍ وَحَنُوطٍ (فَلَهُ أَكْلُهُ وَعَلَفُ دَابَّتِهِ) أَوْ دَوَابِّهِ (بِغَيْرِ إِذْنٍ) فِي قَوْلِ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ: كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ، فَنَأْكُلُهُ وَلَا نَرْفَعُهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَعَنْهُ: «أَنَّ جَيْشًا غَنِمُوا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَعَامًا وَعَسَلًا فَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُمُ الْخُمُسُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَيْهِ، إِذِ الْحَمْلُ فِيهِ مَشَقَّةٌ، فَأُبِيحَ تَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ، وَلَهُ إِطْعَامُ سَبْيٍ اشْتَرَاهُ، بِخِلَافِ فَهْدٍ وَكَلْبِ صَيْدٍ؛ لِأَنَّ هَذَا يُرَادُ لِلتَّفَرُّجِ، وَلَا حَاجَةَ إِلَيْهِ فِي الْغَزْوِ. وَمَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخَانِ مَا لَمْ يُجِزْهُ الْإِمَامُ وَيُوكِلْ بِهِ مَنْ يَحْفَظُهُ، فَلَا يَجُوزُ إِلَّا لِضَرُورَةٍ، نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ غَنِيمَةً لِلْمُسْلِمِينَ، وَتَمَّ مِلْكُهُمْ عَلَيْهَا، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي " الْمُجَرَّدِ " مَا دَامُوا فِي أَرْضِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ لَا يَتِمُّ الْمِلْكُ عَلَيْهَا إِلَّا بِإِحْرَازِهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>