للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَكْلُهُ، وَعَلَفُ دَابَّتِهِ بِغَيْرِ إِذْنٍ، وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ؛ فَإِنْ بَاعَهُ رَدَّ ثَمَنَهُ فِي الْمَغْنَمِ وَإِنْ فَضَلَ مَعَهُ مِنْهُ شَيْءٌ، فَأَدْخَلَهُ الْبَلَدَ، رَدَّهُ فِي الْغَنِيمَةِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا فَلَهُ أَكْلُهُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. وَمَنْ أَخَذَ سِلَاحًا فَلَهُ أَنْ يُقَاتِلَ بِهِ حَتَّى

ــ

[المبدع في شرح المقنع]

تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ: حُكْمُ السُّكَّرِ وَالْمَعَاجِينِ وَنَحْوِهَا كَالطَّعَامِ، وَفِي الْعَقَاقِيرِ وَجْهَانِ.

الثَّانِي: يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ الدُّهْنُ؛ لِأَنَّهُ طَعَامٌ كَالْبُرِّ، وَلَهُ لِحَاجَةِ دُهْنِ بَدَنِهِ، وَدَابَّتِهِ، وَشُرْبِ شَرَابٍ، وَنَقَلَ أَبُو دَاوُدَ: دُهْنُهُ بِزَيْتٍ لِلتَّزَيُّنِ لَا يُعْجِبُنِي.

الثَّالِثُ: لَيْسَ لَهُ غَسْلُ ثَوْبِهِ بِالصَّابُونِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ، فَإِنْ فَعَلَ رَدَّ قِيمَتَهُ فِي الْمَغْنَمِ.

(وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمَأْكَلِ (فَإِنْ بَاعَهُ رَدَّ ثَمَنَهُ فِي الْمَغْنَمِ) قَالَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، لِمَا رَوَى سَعِيدٌ: أَنَّ صَاحِبَ جَيْشِ الشَّامِ كَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: مَنْ بَاعَ مِنْهُمْ شَيْئًا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فَفِيهِ خُمُسُ اللَّهِ، وَسِهَامُ الْمُسْلِمِينَ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ مِنْهُ إِنَّمَا كَانَ لِأَجْلِ حَقِّ الْغَانِمِينَ، وَفِي رَدِّ الثَّمَنِ تَحْصِيلٌ لِذَلِكَ، وَلِأَنَّ لَهُ فِيهِ حَقًّا فَصَحَّ بَيْعُهُ كَمَا لَوْ تَحَجَّرَ مَوَاتًا. وَفَرَّقَ الْقَاضِي وَالْمُؤَلِّفُ فِي " الْكَافِي " إِنْ بَاعَهُ لِغَيْرِ غَازٍ، فَهُوَ بَاطِلٌ كَبَيْعِهِ الْغَنِيمَةَ بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَيَرُدُّ الْمَبِيعَ إِنْ كَانَ بَاقِيًا أَوْ قِيمَتَهُ أَوْ ثَمَنَهُ إِنْ كَانَ تَالِفًا؛ وَإِنْ بَاعَهُ لِغَازٍ؛ فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَبِيعَهُ بِمَا يُبَاحُ لَهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، أَوْ بِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ، فَلَيْسَ بَيْعًا فِي الْحَقِيقَةِ إِنَّمَا دَفَعَ إِلَيْهِ مُبَاحًا، وَأَخَذَ بِمِثْلِهِ، وَيَبْقَى أَحَقَّ بِهِ لِثُبُوتِ يَدِهِ عَلَيْهِ، وَلَا يُمَنُّ عَلَيْهِ، وَيَتَعَيَّنُ رَدُّهُ إِلَيْهِ. وَظَاهِرُ الْمَتْنِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ سِوَى رَدِّ الثَّمَنِ فَقَطْ، وَعَنْهُ: يَلْزَمُهُ أَيْضًا قِيمَةُ أَكْلِهِ. (وَإِنْ فَضَلَ مَعَهُ مِنْهُ شَيْءٌ فَأَدْخَلَهُ الْبَلَدَ) وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِهِ الْأَكْثَرُ. (رَدَّهُ فِي الْغَنِيمَةِ) أَيْ: إِذَا كَانَ كَثِيرًا؛ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أُبِيحَ لَهُ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ فَمَا بَقِيَ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ أَخَذَ أَكْثَرَ مِمَّا يَحْتَاجُهُ، فَيَبْقَى عَلَى أَصْلِ التَّحْرِيمِ. (إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَسِيرًا، فَلَهُ أَكْلُهُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ) . نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ فِي الطَّبْخَةِ، وَالطَّبْخَتَيْنِ مِنَ اللَّحْمِ، وَالْعَلِيفَةِ وَالْعَلِيفَتَيْنِ، مِنَ الشَّعِيرِ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْيَسِيرَ مِمَّا تَجْرِي فِيهِ الْمُسَامَحَةُ. قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: أَدْرَكْتُ النَّاسَ يَقْدَمُونَ بِالْقَدِيدِ فَيَهْدِيهِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، وَلَا يُنْكِرُهُ أَحَدٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>